وفي قبال ذلك استوسق الملك ليزيد ، وصفا له الجو سنتان إلاّ سبعاً وثلاثين يوماً بعد قتل الحسين (١).
وظاهر ذلك أنّ الحسين عليهالسلام قد فشل في تحقيق ما كان يستهدفه من هدف.
فهل كان الأمر كذلك؟ أم أنّ الحسين عليهالسلام كان قد نجح كلّ النجاح في حركته ، وتحقّق له هدفه في حركته تلك ، واستجيبَ دعاؤه بأن يكون الخير كلّ الخير في عاقبة الحركة التي بدأها وقتل من أجلها ، مضافاً إلى انتقام الله له من الظالمين؟
ونرى من الضروري قبل الإجابة على السؤال أن نستذكر الأمر الذي استهدفه من حركته ، ودفع الحسين عليهالسلام حياته ثمناً له ، وهو قضيتان :
القضية الأولى :
كسر الطوق المفروض على الحديث النبوي الصحيح في أهل بيته عليهمالسلام ، وبيان عظيم منزلتهم عند الله ورسوله ، والحديث النبوي الصحيح في توهين بني اُميّة ، وكذلك الحديث الصحيح في السنن والأحكام التي خالفها الخلفاء بعد النبي صلىاللهعليهوآله ، ثمّ انتشار تلك الأحاديث من جديد ليأخذ أهل البيت عليهمالسلام مقامهم في المجتمع بوصفهم أئمّة هدى منصوص عليهم ؛ ليتمكّنوا من نشر حديث النبي صلىاللهعليهوآله الذي كتبه علي عليهالسلام بيده ، ثمّ ليلتفّ حولهم ويواليهم ، ويأخذ عنهم معالم الدين مَنْ شاء أن يفعل ذلك دون حرج أو خوف.
القضية الثانية :
إفهام المسلمين جميعاً أنّ طاعة بني اُميّة ليست من الدين في شيء بل على العكس من ذلك ؛ فإنّ الدين يدعو إلى البراءة منهم ، والوقوف بوجههم ، ومجاهدتهم والإطاحة بهم.
ونحن حين ننظر إلى مجريات الحوادث في الواقع التاريخي خلال سبعين سنة بعد قتل الحسين عليهالسلام ، نجد أنّ كلا القضيتين قد حقّق الحسين عليهالسلام بداياتها الأساسية في الشهور
__________________
(١) قتل الحسين عليهالسلام في ١٠محرّم سنة ٦١ هجرية ، وكانت وقعة الحرّة في الثالث من ذي الحجّة سنة ٦٣ هجرية.