منبر رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فإنّا نرجو أن ينجيك الله بالصدق. فأقرَّ بالكتاب ولم يحلف ، فكتب بذلك أبو بكر ، فكتب سليمان إلى أبي بكر أن يضربه مئة سوط ، ويدر عنه عباءة ، ويمشيه حافياً.
قال : فحبس عمر بن عبد العزيز الرسول في غسل سليمان وقال : لا تخرج حتّى اُكلّم أمير المؤمنين فيما كتب في زيد بن حسن ؛ لعلّي أستطيب نفسه فيترك هذا الكتاب.
قال : فجلس الرسول ، ومرض سليمان ، فقال للرسول : لا تخرج فإنّ أمير المؤمنين مريض. قال : إلى أن رمي في جنازة سليمان ، وأفضى الأمر إلى عمر بن عبد العزيز فدعا بالكتاب فحرقه (١).
قال ابن عنبة : وكان لزيد ابنة اسمها نفيسة خرجت إلى الوليد بن عبد الملك بن مروان فولدت منه ، ماتت بمصر ولها هناك قبر يزار ، وهي التي تسمّيها أهل مصر (الست نفيسة) ويعظّمون شأنها ، ويقسمون بها. وقد قيل : إنّ صاحبة القبر بمصر نفيسة بنت الحسن بن زيد ، وإنّها كانت تحت إسحاق بن جعفر الصادق.
توفي زيد بالبطحاء على ستة أميال من المدينة سنة (١٢٠) وله تسعون سنة ، وحمل إلى البقيع ، فرثاه جماعة من الشعراء وذكروا مآثره ، ويحكوا فضله. فممّن رثاه قدامة بن موسى الجمحي فقال :
فإن يكُ زيدٌ غالت الأرضُ شخصَه |
|
فقد بانَ معروفٌ هناك وجودُ |
وإن يكُ أمسى رهنَ رمسٍ فقد ثوى |
|
بهِ وهو محمودُ الفعالِ فقيدُ |
سميعٌ إلى المعترّ يعلمُ أنّه |
|
سيطلبهُ المعروفُ ثمّ يعودُ |
وليس بقوّالٍ وقد حطّ رحله |
|
لملتمسِ المعروفِ أينَ تريدُ |
إذا قصرَ الوغدُ الدني نما به |
|
إلى المجدِ آباءٌ لهُ وجدودُ |
مباذيلُ للمولى محاشيدُ للقرى |
|
وفي الروعِ عندَ النائباتِ اُسودُ |
__________________
(١) تاريخ مدينة دمشق ـ ابن عساكر ١٩ / ٣٧٩.