وقال سفيان بن عيينة عن أبي حمزة الثمالي : إنّ علي بن الحسين كان يحمل الخبز بالليل على ظهره يتتبع المساكين في ظلمة الليل ، ويقول : «إنّ الصدقة في سواد الليل تطفئ غضب الربّ» (١).
وقال جرير بن عبد الحميد عن عمرو بن ثابت : لمّا مات علي بن الحسين وجدوا بظهره أثراً ، فسألوا عنه ، فقالوا : هذا ممّا كان ينقل الجرب بالليل على ظهره إلى منازل الأرامل.
وقال محمد بن زكريا الغلابي ، حدّثنا عبيد الله بن محمد بن عائشة قال : حدّثني أبي وغيره أنّ هشام بن عبد الملك حجّ في خلافة عبد الملك أو الوليد ، فطاف بالبيت وأراد أن يستلم الحجر فلم يقدر عليه من الزحام ، فنصب له منبر ، فجلس عليه وأطاف به أهل الشام ، فبينا هو كذلك إذ أقبل علي بن الحسين عليه إزار ورداء ، أحسن الناس وجهاً ، وأطيبهم رائحة ، بين عينيه سجادة كأنّها ركبة عنز ، فجعل يطوف بالبيت ، فإذا بلغ إلى موضع الحجر تنحّى له الناس عنه حتّى يستلمه ؛ هيبة له وإجلالاً ، فغاظ ذلك هشاماً ، فقال رجل من أهل الشام لهشام : مَن هذا الذي قد هابه الناس هذه الهيبة فأفرجوا له عن الحجر؟ فقال هشام : لا أعرفه ؛ (لئلاّ يرغب فيه أهل الشام) ، فقال الفرزدق ـ وكان حاضراً ـ : ولكنّي أعرفه. فقال الشامي : مَنْ هو يا أبا فراس؟ فقال الفرزدق قصيدته المشهورة (٢).
__________________
(١) تاريخ الإسلام ـ للذهبي ٧ / ٤٣٣ ، حلية الأولياء ٣ / ١٣٥ ، صفوة الصفوة ٢ / ٩٦.
(٢) تاريخ دمشق ٤١ / ٤٠١.
ومنها قوله :
هذا الذي تعرفُ البطحاءُ وطأته |
|
والبيتُ يعرفهُ والحلُّ والحرمُ |
هذا ابنُ خيرِ عبادِ اللهِ كلِّهمُ |
|
هذا التقي النقي الطاهرُ العلمُ |
إذا رأته قريشٌ قال قائلُها |
|
إلى مكارمِ هذا ينتهي الكرمُ |
مشتقّةٌ من رسولِ اللهِ نبعتُهُ |
|
طابت عناصرُهُ والخيمُ والشيمُ |