وأهل بيته ، وعلى الرغم من قصر مدّة حكم المختار ، وقتله على يد مصعب الزبيري ، وقتل سبعة آلاف شيعي صبراً بعده بضمنهم عمرة بنت النعمان بن بشير زوجة المختار ؛ لأنّها لم تتبرّأ من زوجها المختار ، ثمّ ظلم الحجّاج وتتبّعه لشيعة علي عليهالسلام بقيت الكوفة قلعة صامدة على التشيّع ، أبيَّة على الترويض ، ممّا اضطر الحجّاج في حركة ابن الأشعث (سنة ٨٠ ـ ٨٣) أن يستعين بجيش شامي للقضاء عليها ، ولم يسكن الكوفة بعد ذلك خوفاً على جيش أهل الشام من التأثّر بفكرهم فبنى واسط خاصّة لهم ، واستطاع الأئمّة من ذرية الحسين وبخاصّة الباقر والصادق عليهالسلام أن يثقفوا قواعدهم الشعبية الكوفية من جديد ، وبذلك عادت الكوفة كسابق عهدها أيام علي عليهالسلام قلعة للتشيّع ورواية أهل البيت عليهمالسلام.
ثالثاً :
تصدّعت وحدة الدولة ، وغابت السلطة المركزية (١) لبني اُميّة التي كانت تلاحق المحدِّثين الصادقين ، ولم تسترجع سيطرتها كاملة إلاّ بعد خمس وعشرين سنة من قتل الحسين عليهالسلام ، وبذلك كُسِر الطوق المفروض على الحديث الصحيح ، وطُرح علي والمطهرون من ذريته عليهمالسلام من جديد أئمّة هداة في المجتمع ، وذلك حين انطلق خلال هذه الفترة بقيّة الصحابة والتابعين من شيعة علي عليهالسلام وغيرهم في المدينة ومكة ، والكوفة والبصرة ، والشام وخراسان
__________________
(١) استقل ابن الزبير في مكّة والمدينة والعراق ، ثمّ ثار المختار في الكوفة واقتطعها عن ابن الزبير مدّة سنة ونصف ، من ١٤ ربيع الأوّل سنة ٦٦ إلى ١٤ رمضان سنة ٦٧ ، ثمّ رجعت له بعد قتل المختار على يد مصعب وأهل البصرة وجيش المهلّب ، وفلول الجيش الذي قتل الحسين عليهالسلام.
اختلف أهل الشام وصاروا رايتين ؛ راية تدعو لابن الزبير ، وراية تدعو لمروان ، واقتتلوا بسبب ذلك ثمّ غلبة مروان ، واقتتل أهل خراسان لسنين ثمّ بيعتهم أخيراً لعبد الملك.
استقل نجدة الخارجي في اليمن ثمّ قُتل نجدة من قبل أصحاب ابن الزبير.
قُتل عبد الله بن الزبير من قبل أصحاب عبد الملك بن مروان وصفا الملك لبني اُميّة من جديد.
ثار العراقيون من جديد بقيادة ابن الأشعث (٨١ ـ ٨٥) ، واستقر الملك بعد لبني اُميّة لمدّة أربعين سنة تقريباً ، واُزعج مرّة أخرى من قبل العراقيين بقيادة زيد وقُتل سنة ١٢٢ ، ثمّ مات هشام سنة ١٢٥ ولم يستقر الملك لبني اُميّة بعد ذلك ؛ إذ اختلفت كلمتهم ثمّ زالت دولتهم على يد بني العباس سنة ١٣٢.