أقول :
وإذا ضممنا إلى هذه النصوص الأحاديث التي ترفع من شأن الصحابة ككل ، المنتشرة في كتب الحديث ، لم يكن من السهل على الكثير من المعاصرين أن يقبل ما يعتقده الشيعة في بني اُميّة من اُمور : منها : أنّهم كانوا قد سنُّوا سنّة لعن علي عليهالسلام وسبِّه ، وغفل هؤلاء عن حقيقة : أنّ الأخبار والروايات في هذه القضية بالذّات من الكثرة بحيث لم يستطع أن يغفلها أصحاب الصحاح أنفسهم.
قال الدكتور عبد الحليم عويس : لا يُعقل ما يُشاع عن بني اُميّة من أنّهم كانوا يسبّون علياً على المنابر (١). وقد وافقه آخرون أمثال محبّ الدين الخطيب (٢) ، ومحمود شاكر (٣) ، وإبراهيم شعوط (٤) وغيرهم ، وزاد بعضهم قوله : ولم يردنا بطريق صحيح (٥).
وقد ردّ على هؤلاء أناس من غير الشيعة أيضاً (٦) بذكر أخبار من كتب الصحاح ، وفيما يلي بعضها :
روى البخاري قال : حدّثنا عبد الله بن مسلمة ، حدّثنا عبد العزيز بن أبي حازم ، عن أبيه (سلمة بن دينار) ، أنّ رجلاً جاء إلى سهل بن سعد فقال : هذا فلان لأمير المدينة يدعو علياً عند المنبر. قال : فيقول ماذا؟ قال : يقول له : أبو تراب! فضحك ، قال : والله ما سمّاه إلاّ النبي صلىاللهعليهوآله ، وما كان والله له اسم أحبّ إليه منه (٧).
__________________
(١) نحو إنقاذ التاريخ الإسلامي حسن فرحان المالكي (٢٠عن صحيفة مرآة الجامعة العدد ١١٠).
(٢) في تعليقاته على كتاب العواصم من القواصم.
(٣) في موسوعته التاريخ الإسلامي المجلد الخاص بالخلفاء الراشدين والعهد الاُموي.
(٤) كقوله : فلم يصح أبداً عن معاوية أنّه سبّ علياً ، أو لعنه مرّة واحدة فضلاً عن التشهير به على المنابر. (أباطيل يجب أن تُمحى من التاريخ / ٢٠٤).
(٥) نحو إنقاذ التاريخ الإسلامي / ٢٧.
(٦) منهم الاُستاذ حسن فرحان المالكي الحجازي ، وهو سنّي المذهب بالأحاديث التي أوردناها في المتن.
(٧) الجامع المختصر ٣ / ١٣٥٨ ، صحيح البخاري ٤ / ٢٠٧.