وهذه الرواية عند مسلم في صحيحه أكثر وضوحاً ، قال سهل بن سعد : إنّ رجلاً أتاه فقال : هذا فلان ـ لأمير من أمراء المدينة ـ يدعوك غداً فتسبّ علياً على المنبر. قال : فأقول ماذا؟ قال : تقول : أبو تراب. فضحك سهل ، ثمّ قال : والله ما سمّاه إيّاه الاّ رسول الله صلىاللهعليهوآله ، والله ما كان من اسم أحبّ إليه منه (١).
قال في فتح الباري :
قوله : (هذا فلان لأمير المدينة) ، أي عنى أمير المدينة ، ولم أقف على اسمه صريحاً (٢).
وروى مسلم قال : حدّثنا قتيبة بن سعيد ، حدّثنا عبد العزيز يعني ابن أبي حازم ، عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد قال : استعمل على المدينة رجل من آل مروان ، قال : فدعا سهل بن سعد فأمره أن يشتم علياً. قال : فأبى سهل ، فقال له : أما إذا أبيت فقل : لعن الله أبا التراب. فقال سهل : ما كان لعلي اسم أحبّ إليه من أبي التراب ، وإن كان ليفرح إذا دُعي بها (٣).
وقال في إرشاد الساري : إنّ هذا الوالي هو مروان بن الحكم (٤).
وروى مسلم أيضاً قال : حدّثنا قتيبة بن سعيد ومحمد بن عباد،وتقاربا في اللفظ قالا:
__________________
(١) مسلم ٤ / ١٨٧١ ، المعجم الكبير ٦ / ١٥٠ ، الآحاد والمثاني ١ / ١٦٧ ، صحيح ابن حبان ١٥ / ٣٦٨.
(٢) فتح الباري ٧ / ٧٢.
(٣) صحيح مسلم ٤ / ١٨٧٤ ، سنن البيهقي ٢ / ٤٤٦. وتكملة الرواية : فقال له : أخبرنا عن قصته ، لِمَ سمّي أبا تراب؟ قال : جاء رسول الله صلىاللهعليهوآله بيت فاطمة عليهاالسلام فلم يجد علياً عليهالسلام في البيت ، فقال : «أين ابن عمّك؟». فقالت : «كان بيني وبينه شيء فغاضبني فلم يقل عندي». فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله لإنسان : «انظر أين هو؟». فجاء فقال : يا رسول الله ، هو في المسجد راقد. فجاءه رسول الله صلىاللهعليهوآله وهو مضطجع قد سقط رداؤه عن شقّه فأصابه تراب ، فجعل رسول الله صلىاللهعليهوآله يمسحه عنه ويقول : «قم أبا التراب ، قم أبا التراب». قال ابن حجر : وروى ابن أبي إسحاق من طريقه ، وأحمد من حديث عمّار بن ياسر قال : نمت أنا وعلي في غزوة العشيرة في نخل ، فما أفقنا إلاّ بالنبي صلىاللهعليهوآله يحرّكنا برجله يقول لعلي عليهالسلام : «قم يا أبا تراب» ؛ لما يرى عليه من التراب. (فتح الباري ٧ / ٧٢).
(٤) إرشاد الساري ٦ / ١١٢.