استعان زياد في البصرة بعدّة من أصحاب النبي صلىاللهعليهوآله ، منهم : سمرة بن جندب (١) ، وأنس
__________________
(١) قال في تهذيب الكمال : سمرة بن جندب الفزاري ، صاحب النبي صلىاللهعليهوآله ، نزل البصرة ، حليف الأنصار ، روى عن النبي صلىاللهعليهوآله ، وعن أبي عبيدة بن الجراح. روى عنه الحسن البصري ، وابناه سعد بن سمرة بن جندب ، وسليمان بن سمرة بن جندب ، وعامر الشعبي. قال أبو عمر بن عبد البر : وكان زياد يستخلفه عليها ستة أشهر ، وعلى الكوفة ستة أشهر. وكان شديداً على الحرورية. كان إذا أُتي بواحد منهم قتله ولم يقله. فالحرورية ومَنْ قاربهم من مذهبهم يطعنون عليه وينالون منه.
قال الطبري : فحدّثني عمر قال : حدّثني إسحاق بن إدريس قال : حدّثني محمّد بن سليم قال : سألت أنس بن سيرين : هل كان سمرة قتل أحداً؟ قال : وهل يُحصى مَنْ قتل سمرة بن جندب؟ استخلفه زياد على البصرة وأتى الكوفة فجاء وقد قتل ثمانية آلاف من الناس. فقال له : هل تخاف أن تكون قد قتلت أحداً بريئاً؟ قال : لو قتلت إليهم مثلهم ما خشيت ، أو كما قال. وروى أيضاً عن عمر قال : حدّثني موسى بن إسماعيل قال : حدّثنا نوح بن قيس ، عن أشعث الحداني ، عن أبي سوار العدوي قال : قتل سمرة من قومي في غداة سبعة وأربعين رجلاً قد جمع القرآن. وروى أيضاً عن عمر قال : حدّثني علي بن محمّد ، عن جعفر الصدفي ، عن عوف قال : أقبل سمرة من المدينة ، فلمّا كان عند دور بني أسد خرج رجل من بعض أزقتهم ففجأ أوائل الخيل ، فحمل عليه رجل من القوم فأوجره الحربة. قال : ثم مضت الخيل ، فأتى عليه سمرة بن جندب وهو متشحّط في دمه فقال : ما هذا؟ قيل : أصابته أوائل خيل الأمير ، قال : إذا سمعتم بنا قد ركبنا فاتقوا أسنّتنا (تاريخ الطبري ٥ / ٢٣٧ سنة ٥٠). قال الطبري : فحدّثني عمر بن شبّة قال : حدّثني علي قال : مات زياد وعلى البصرة سمرة بن جندب خليفة له ، وعلى الكوفة عبد الله بن خالد بن أسيد ، فأقرّ معاوية سمرة على البصرة ثمانية عشر شهراً. قال عمر : وبلغني عن جعفر بن سليمان الضبعي قال : أقرّ معاوية سمرة بعد زياد ستة أشهر ثمّ عزله ، فقال سمرة : لعن الله معاوية ، والله لو أطعت الله كما أطعت معاوية ما عذّبني أبداً (تاريخ الطبري ٥ / ٢٩١). قال في تهذيب الكمال : وكان الحسن وابن سيرين وفضلاء أهل البصرة يثنون عليه ويحملون عنه ، وقال عبد الله بن صبيح ، عن محمّد بن سيرين : كان سمرة فيما علمت عظيم الأمانة ، صدق الحديث ، يحبّ الإسلام وأهله. قال أبو عمر : وكان سمرة من الحفّاظ المكثرين عن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، مات في آخر خلافة معاوية آخر سنة تسع وخمسين أو أول سنة ستين بالكوفة ، وقيل : بالبصرة سنة ثمان وخمسين. كان أصابه قزاز شديد وكان لا يكاد أن يدفأ فأمر بقدر عظيمة فملئت ماء وأوقد تحتها ، واتّخذ فوقها مجلساً ، فكان يصعد إليه بخارها فيدفأه ، فبينا هو كذلك إذ خسف به (فسقط فيها) فمات ، فكان ذلك تصديقاً لقول رسول الله صلىاللهعليهوآله له ولأبي هريرة وثالث معهما : «آخركم موتاً في النار». روى له الجماعة.