الجرارة إلى قتال إبراهيم باشا ، وشاع أمر هذا الكتاب بين الأهالي ، ففترت لذلك عزائمهم وأثر ذلك فيهم تأثيرا عظيما. ولما خرج إبراهيم باشا من حلب عاد من الآستانة يوسف باشا واستقبله أهالي حلب استقبالا فخيما.
ومن آثاره ثكنة بناها في قرية أبي قلقل تعرف به إلى الآن. وصنع مدفعين في بيته ، فوشى به بعض الناس إلى الحكومة فقال : نعم عمرت ثكنة وصنعت مدفعين من مالي وأرسلتهما إليها خدمة للحكومة لتضع هناك جندا يأمن الناس على أموالهم ومزارعهم من العربان القاطنين ثمة.
وكان صاحب نفوذ عظيم ، فعينته الحكومة العثمانية متصرفا على أورفة بقصد إبعاده عن حلب ، وحوّل منها إلى معمورة العزيز ثم إلى متصرفية الموصل ، وهناك توفي على إثر مرض ألم به ودفن في الموصل وذلك سنة ١٢٧٨ وله من العمر أربع وستون سنة.
وترك إذ ذاك ما بين أملاك ونقود ومجوهرات ما ينيف عن مائة ألف ليرة ذهبا عثمانيا. وبعد وفاته اختلف أولاده فيما بينهم وكل واحد منهم وضع يده على ما أمكنه الوصول إليه من التركة وخبؤوا البعض منها عند الناس ، فضاعت بسبب ذلك وتمزق شمل هذه الثروة الطائلة وعاد أولاده فقراء بعد ذاك الغنى.
وترجمه علامة العراق الشيخ محمود أفندي الألوسي في رحلته المسماة «غرائب الاغتراب ونزهة الألباب» وهي مطبوعة في بغداد ، قال : ومنهم (أي ممن اجتمع بهم في رحلته إلى الآستانة) من أخذ بضرع الشرف فارتضع منه ما شاء وحلب ، حضرة الحاج يوسف بك ابن شريّف بصيغة التصغير ، نخبة أهل حلب ، وهو من قوم أمجاد ، ولم أجتمع به يوم جاء مع علي باشا إلى بغداد ، ولا بعد أن صار متسلم البصرة وعاد منها ، وذلك لأمور طويلة الذيل لا ينبغي أن يكشف الغطاء عنها. ولما اجتمعت به في القسطنطينية رأيته ذا خبرة بالعلوم الأديبة ، ورأيت له من مكارم الأخلاق ما وددت أن يكون مثلها في بعض وجوه العراق ، فيا لله تعالى دره من فتى عالي الجناب ، وإذا قلت قد أوتي يوسف شطر الحسن فلا عجاب. وحدثني المرحوم والدي تغمده الله برحمته أنه نزل في بعض أسفاره ضيفا عند جده ، فرأى من إكرامه إياه ما يشهد بعلو مجده ، وهذا الكعك من ذاك العجين ، وهذا الليث من ذاك العرين. وقد رجع إلى وطنه قبلي بأيام ، وبقدومه إليه استبشر على