البراغيث» وأسكنت ما كان في الواحد حرف الاعراب كما فعلت ذلك في فعل حين قلت: فعلت وفعلن فأسكن هذا ههنا وبني على هذه العلامة كما اسكن فعل لانه فعل كما أنه فعل وهو متحرك كما أنه متحرك ، وليس هذا بأبعد فيها اذ كانت هي وفعل شيئا واحدا من يفعل اذ جاز لهم فيها الاعراب حين ضارعت الاسماء وليست باسماء وذلك قولك : هنّ يفعلن ولن يفعلن ولم يفعلن ، وتفتح النون لأنها نون جمع ولا تحذف لانها علامة إضمار وجمع في قول من قال أكلوني البراغيث فالنون ههنا في يفعلن بمنزلتها في فعلن وفعل بلام يفعل ما فعل بلام فعل لما ذكرت لك ولانها قد تبني مع ذلك على الفتحة في قولك : هل تفعلن ، وألزموا لام فعل السكون وبنوها على العلامة وحذفوا الحركة لما زادوا لانها في الواحد ليس آخرها حرف الاعراب لما ذكرت لك.
واعلم أن بعض الكلام أثقل من بعض فالافعال أثقل من الاسماء لان الاسماء هي الأول وهي أشدّ تمكنا فمن ثم لم يلحقها تنوين ولحقها الجزم والسكون وإنما هي من الاسماء ألا ترى أن الفعل لا بدّ له من الاسم وإلا لم يكن كلاما والاسم قد يستغني عن الفعل تقول الله إلهنا وعبد الله أخونا.
واعلم أن ما ضارع الفعل المضارع من الاسماء في الكلام ووافقه في البناء اجرى لفظه مجري ما يستثقلون ومنعوه ما يكون لما يستخفّون فيكون في موضع الجرّ مفتوحا استثقلوه حيث قارب الفعل في الكلام ووافقه في البناء وذلك نحو أبيض وأسود وأحمر وأصفر فهذا بناء أذهب وأعلم ، وأما مضارعته في الصفة فانك لو قلت أتاني اليوم قوىّ وألا ماء باردا ومررت بجميل كان ضعيفا ، ولم يكن في حسن أتاني رجل قوي وألا ماء باردا ومررت برجل جميل ، أفلا ترى أن هذا يقبح ههنا كما أن الفعل المضارع لا يتكلّم به إلا ومعه الاسم لان الاسم قبل الصفة كما أنه قبل الفعل ومع هذا أنك ترى الصفة تجري في معنى يفعل وتنصب كما ينصب الفعل وسترى ذلك ان شاء الله فان كان اسما كان أخفّ عليهم وذلك نحو أفكل وأكلب ينصرفان في النكرة ومضارعة أفعل الذي يكون صفة
__________________
ـ كثب ثمر فائدتها ، فانتهيت الى أمره العلى ، وسلكت فيه منهاج مذهبه الرفيع السنى ، وأمليته على ما حد أيده الله وأعلى يده وألفته على رتبة وقوع الشواهد في الكتاب ، وأسندت كل شاهد منها الى بابه اولا ، ثم الى شاعره ان كان معلوما آخرا (وسميته بكتاب تحصيل عين الذهب من ـ