كما تقول للمقبل عليك المنصت لك أنت تفعل ذاك يا فلان توكيدا ، وذا بمنزلة قول العرب هاء وهاءك وهأ وهأك وبمنزلة قولك حيّهل وحيّهلك وكقولهم النّجاءك فهذه الكاف لم تجيء علما للمأمورين والمنهيّين المضمرين ، ولو كانت علما للمضمرين لكان خطأ لأنّ المضمرين هاهنا فاعلون وعلامة المضمرين الفاعلين الواو كقولك افعلوا ، وانما جاءت هذه الكاف توكيدا وتخصيصا ، ولو كانت اسما لكان النّجاءك محالا لأنه لا يضاف الاسم الذي فيه الألف واللام ، وينبغي لمن زعم انهنّ أسماء أن يزعم أن كاف ذلك اسم فاذا قال ذلك لم يكن له بد من أن يزعم أنّها مجرورة أو منصوبة ، فان كانت منصوبة انبغي له أن يقول ذاك نفسك زيد اذا أراد الكاف ، وينبغي له أن يقول إن كانت مجرورة ذاك نفسك زيد ، وينبغي أن يقول إنّ تاء أنت اسم ، وانما تاء أنت بمنزلة الكاف ، ومما يدلّك على أنه ليس باسم قول العرب أرأيتك فلانا ما حاله فالتاء علامة المضمر المخاطب المرفوع ولو لم تلحق الكاف كنت مستغنيا كاستغنائك حين كان المخاطب مقبلا عليك عن قولك يا زيد ولحاق الكاف كقولك يا زيد لمن لو لم تقل له يا زيد استغنيت ، فانما جاءت الكاف في أرأيت والنداء في هذا الموضع توكيدا وما يجىء فى الكلام توكيدا لو طرح كان مستغنى عنه كثير ، وحدّثنا من لانتّهم أنه سمع من العرب من يقول رويد نفسه جعله مصدرا كقوله : فضرب الرّقاب ، وكقولك عذير الحيّ ، ونظير الكاف في رويد في المعنى لا في اللفظ لك التي تجيء بعد هلمّ في قولك هلمّ لك فالكاف هيهنا اسم مجرور باللام ، والمعنى في التوكيد والاختصاص بمنزلة الكاف التي في رويد وما أشبهها كأنه قال هلمّ ثم قال إرادتي بهذا لك فهو بمنزلة سقيا لك ، وإن شئت قلت هلمّ لي بمنزلة هات لي وهلمّ ذاك لك بمنزلة أدن ذاك لك.
وتقول فيما يكون معطوفا على الاسم المضمر في النيّة وما يكون صفة له في النيّة كما تقول في المظهر ، أمّا المعطوف فكقولك رويد كم أنتم وعبد الله كأنك قلت افعلوا أنتم وعبد الله ، لأن المضمر في النيّة مرفوع فهو يجري مجرى المضمر الذي ثنّيت علامته في الفعل ، فان قلت رويد كم فعبد الله فهو أيضا رفع ، وفيه قبح لأنك لو قلت اذهب وعبد الله كان فيه قبح ، فاذا قلت اذهب أنت وعبد الله حسن ، ومثل ذلك في القرآن (فَاذْهَبْ أَنْتَ