وإيّاك بدل من اللفظ بالفعل ، كما كانت المصادر كذلك نحو الحذر الحذر ، ومما جعل بدلا من اللفظ بالفعل قولهم الحذر الحذر والنّجاء النّجاء وضربا ضربا ، فانما انتصب هذا على الزم الحذر وعليك النجاء ولكنّهم حذفوا لأنه صار بمنزلة افعل ودخول الزم وعليك على افعل محال ، ومن ثم قال عمرو بن معدى كرب : [وافر]
(١) أريد حباءه ويريد قتلى |
|
عذيرك من خليلك من مراد |
وقال الكميت : [طويل]
(٢) نعاء جذاما غير موت ولا قتل |
|
ولكن فراقا للدّعائم والأصل |
وقال ذو الأصبع العدواني : [هزج]
__________________
(٢١٧) الشاهد فيه نصب عذيرك ووضعه موضع الفعل بدلا منه والمعنى هات عذرك وقرب عذرك والتقدير اعذرني منه عذرا واختلف في العذير فمنهم من جعله مصدرا بمعنى العذر وهو مذهب سيبويه ومنهم من جعله بمعنى عاذر كعليم وعالم والمعنى عنده هات عاذرك وأحضر عاذرك وامتنع ان يجعله بمعني العذر لأن فعيلا لا ينبىء على المصدر الا في الاصوات نحو الصهيل والنهيق والنبيح وما أشبهه ، والاولى مذهب سيبويه لأن المصدر يطرد وضعه موضع الفعل بدلا منه لأنه اسمه ولا يطرد ذلك في اسم الفاعل وقد جاء فعيل في غير الصوت كقولهم وجب القلب وجيبا اذا اضطرب* يقول لقيس بن مكشوح المرادى وكانا صديقين ثم أظلم ما بينهما لأمر أوجب ذلك فيقول أريد حباءه ونفعه مع ارادته قتلى وتمنيه موتي فمن يعذرنى منه ، والحباء العطية ويروى أريد حياته.
(٢١٨) الشاهد فيه وضع نعاء موضع الفعل وبدلا من اللفظ به والمعني انع جذا ما وعلته كعلة* تراكها من ابل تراكها* وقد مر تفسيره* يقول هذا منكرا على جذام انتسابها الى عدي ابن عمرو بن سبا ، ومؤاخاتها للخم بن عدي بن عمرو والكميت من أسد بن خزيمة بن مدركة وكان متعصبا لمضر وهاجيا لليمن وجذام فيما يزعم بعض النسا بين من ولد أسد بن خزيمة لحقوا باليمن ، وانتسبوا اليهم فقال الكميت محققا لذلك انع جذا ما غير ميتين ولا مقتولين ولكن مفارقين لاصلهم من مضر ومنتسبين الى غيرهم من اليمن.