فانما هي أن ضمّت اليها ما وهي ما التوكيد ولزمت كراهية أن يجحفوا بها لتكون عوضا من ذهاب الفعل كما كانت الهاء والالف عوضا في الزّنادقة واليماني ، ومثل أن في لزوم ما قولهم إما لا فألزموها ما عوضا ، وهذا أحرى أن يلزموا فيه اذ كانوا يقولون آثرا ما فيلزمون ما شبّهوها بما يلزم من النونات في ليفعلنّ واللام في إن كان ليفعل وإن كان ليس مثله ، وانما هو شاذ كنحو ما شبه بما ليس مثله فلما كان قبيحا عندهم أن يذكروا الاسم بعد أن ويبتدؤه بعدها كقبح كي عبد الله يقول ذاك حملوه على الفعل حتى صار كأنهم قالوا إذ صرت منطلقا فانا أنطلق معك لأنها في معنى اذ في هذا الموضع واذ في معناها أيضا في ذا الموضع إلا أنّ اذ لا يحذف معها الفعل وأمّا لا يذكر بعدها الفعل المضمر لأنه من المضمر المتروك إظهاره حتى صار ساقطا بمنزلة تركهم ذلك في النداء وفي من أنت زيدا ، فان أظهرت الفعل قلت إمّا كنت منطلقا انطلقت انما تريد إن كنت منطلقا انطلقت فحذف الفعل لا يجوز هيهنا كما لم يجز ثمّ إظهاره لأن أما كثرت في كلامهم واستعملت حتى صارت كالمثل المستعمل ، وليس كلّ حرف هكذا كما أنه ليس كلّ حرف بمنزلة لم أبل ولم يك ولكنهم حذفوا هذا لكثرته وللاستخفاف فكذلك حذفوا الفعل من أما ومثل ذلك قولهم إما لا فكأنه يقول افعل هذا إن كنت لا تفعل غيره ولكنهم حذفوا ذا لكثرة استعمالهم إياه وتصرّفوا حتى استغنوا عنه بهذا ، ومن ذلك قولهم مرحبا ، وأهلا وان تأتني فأهل الليل والنهار ، وزعم الخليل حين مثّله أنه بمنزلة رجل رأيته سدّد سهما فقلت القرطاس أي أصبت القرطاس أي أنت عندي ممن سيصيبه وإن أثبت سهمه قلت القرطاس أي قد استحقّ وقوعه بالقرطاس ، فانما رأيت رجلا قاصدا الى مكان أو طالبا أمرا فقلت مرحبا وأهلا أي أدركت ذلك وأصبت فحذفوا الفعل لكثرة استعمالهم إيّاه فكأنّه صار بدلا من رحبت بلادك وأهلت كما كان الحذر بدلا من احذر ، ويقول الرادّ وبك وأهلا وسهلا وبك أهلا فاذا قال وبك وأهلا فكأنّه قد لفظ بمرحبا بك وأهلا واذا قال وبك أهلا فهو يقول ولك الأهل اذا كان عندك الرّحب والسعة ، فاذا اردت فانما تقول أنت عندي ممّن يقال له هذا لوجئتني ، وانما جئت ببك لتبيّن من تعني بعد ما قلت مرحبا كما