وأنت تريد أن تسأل عن شأنهما لأنك انما تعطف بالواو اذا أردت معنى مع على كيف ، وكيف بمنزلة الابتداء كأنك قلت وكيف عبد الله فعملت ما عمل الابتداء لأنها ليست بفعل ولأنّ ما بعدها لا يكون الا رفعا ، يدلك على ذلك قول الشاعر (وهو زياد الأعجم ، ويقال غيره) : [وافر]
(١) تكلّفني سويق الكرم جرم |
|
وما جرم وما ذاك السّويق |
ألا ترى أنه يريد معنى مع والاسم تعمل فيه ما ، ومثل ذلك قول العرب إنّك ما وخيرا تريد إنّك مع خير ، وقال (وهو شدّاد أبو عنترة) : [وافر]
(٢) فمن يك سائلا عنّى فانّى |
|
وجروة لا ترود ولا تعار |
فهذا كلّه ينتصب انتصاب إنّى وزيدا منطلقان ومعناهنّ مع لأنّ إنّى هاهنا بمنزلة الابتداء ليس بفعل ولا اسم بمنزلة الفعل ، وكيف أنت وزيد وأنت وشأنك مثالهما واحد لأنّ الابتداء وكيف وما وأنت يعملن فيما كان معناه مع الرفع ، ويحمل على المبتدإ كما يحمل على الابتداء ، ألا ترى أنّك تقول ما أنت وما زيد فيحسن ، ولو قلت
__________________
(٢٤٣) الشاهد فيه اظهار ما في قوله وما ذاك السويق ، ولو حذفها لاستغنى عنها كما استغنى في الابيات التي قبله عنها فجعل سيبويه اظهارها تقوية لرفع المعطوف في قولك ما أنت وزيد لأن المعني ما أنت وما زيد فان معنى ما جرم وذاك السويق كمعني ما جرم وما ذاك السويق* يقول هذا محتقرا لجرم مستنكرا لهم شرب الخمر وسمى الخمر سويقا لانسياقها في الحلق لان السويق يشرب في الاكثر ولا يؤكل ، وبعده.
وما عرفته جرم وهو حل |
|
وما غالى بها اذ قام سوق |
فلما أنزل التحريم فيها |
|
اذا الجرمي عنها لا يفيق |
(٢٤٤) الشاهد فيه نصب جروة عطفا على المنصوب بان ، ومعنى الواو فيه معنى مع الا أن ما بعدها محمول على ما قبلها في ان كما كان في الابتداء لعدم الفعل كما تقدم وهو كقول العرب انك ما وخيرا اي مع خير أي مقترن ومصاحب له والتقدير انك والخير مقرونان فاستغني عن ذكر الخبر لتضمن الواو معني الصحبة والاقتران ، وجروة اسم فرسه ومعني ترود تجىء وتذهب اي هي مرتبطة بالفناء لعتقها وكرمها لا تهمل ولا تعار وتبتذل.