ما صنعت وما زيد لم يحسن ولم يستقم اذا أردت معنى ما صنعت وزيدا ، ولم يكن ليعمل ما أنت وكيف أنت عمل صنعت وليسا بفعل ، ولم نرهم أعملوا شيئا من هذا كذا ، فاذا نصبت فكأنّك قلت صنعت زيدا مثل ضربت زيدا ولم نر شيئا من هذا ليس بفعل فعل به هذا فتجريه مجرى الفعل ، وزعموا أن ناسا يقولون كيف أنت وزيدا وما أنت وزيدا ، وهو قليل في كلام العرب لم يحملوا الكلام على ما ولا كيف ولكنهم حملوه على الفعل على شيء لو ظهر حتى يلفظوا به لم ينقض ما أرادوا من المعنى حين حملوا الكلام على ما وكيف كأنه قال كيف تكون أنت وقصعة من ثريد ، وما كنت وزيدا لأن كنت وتكون يقعان هاهنا كثيرا ، ولا ينقضان ما تريد من معنى الحديث فمضى صدر الكلام كأنه قد تكلمّ بها ، وان كان لم يلفظ بها لوقوعها هيهنا كثيرا ، ومن ثم أنشد بعضهم (وهو اسامة بن حبيب الهذلى) : [متقارب]
(١) فما أنا والسّير في متلف |
|
يبرّح بالذّكر الضابط |
لأنهم يقولون ما كنت هيهنا كثيرا ولا ينقض هذا المعنى وفي كيف معنى يكون فجرى ما أنت مجرى ما كنت كما أن كيف على معنى يكون ، واذا قال أنت وشأنك فانما أجرى كلامه على ما هو الآن فيه لا يريد كان ولا يكون ، وان كان حمله على هذا ودعاه اليه شيء قد كان بلغه فانما ابتدأ وحمله على ما هو فيه الآن وجرى على ما يبنى على المبتدإ ، ولذلك لم يستعملوا هيهنا الفعل من كان ويكون لما أرادوا من الاجراء على ما ذكرت لك ، وزعم أبو الخطّاب أنه سمع بعض العرب الموثوق بعربيتهم ينشد هذا البيت نصبا : [وافر]
__________________
(٢٤٥) الشاهد فيه نصب السير باضمار الملابسة لأن معني ما أنا والسير مالى ألابس السير وأتشبث به فكأنه قال ما أنا وملابستي السير وقدره سيبويه ما كنت والسير وكيف اكون والسير يسهل نصبه بذكر الفعل لأن الواو لا ينصب ما بعدها على معني مع حتي يكون قبلها الفعل أو يشتمل الكلام على معناه ولو رفع السير هنا عطفا على انا لكان أجود ، كما تقدم في الذي قبله* يقول مالى أتجشم السير في الفلوات الشاقة المبرحة المتلفة وأراد بالذكر جملا لانه أقوى من الناقة والضابط القوى والتبريح المشقة.