أعبدا حلّ في شعبي غريبا
فيكون على وجهين على النداء وعلى أنه رآه في حال افتخار واجتراء فقال أعبدا أي أتفخر عبدا كما قال أتميميّا مرّة ، وإن أخبرت في هذا الباب على هذا الحد نصبت أيضا كما نصبت في حال الخبر الاسم الذي أخذ من الفعل ، وذلك قولك تميميّا قد علم الله مرّة وقيسيّا أخرى ، فلم ترد أن تخبر القوم بأمر قد جهلوه ولكنّك أردت أن تشتمه بذلك فصار بدلا من اللفظ بقولك أتتمّم مرّة وتتقيّس أخرى ، وأتمضون ، وقد استقبلكم هذا وتنقّلون وتلوّنون فصار هذا هكذا كما صار تربا وجندلا بدلا من اللفظ بتربت وجند لت لو تكلّم بهما ، ولو مثّلت ما نصبت عليه الأعيار والأعور في البدل من اللفظ لقلت أتعيّرون مرة وأتعوّرون اذا أوضحت معناه لأنك إنما تجريه مجرى ما له فعل من لفظه ، وقد يجرى مجرى الفعل ويعمل عمله ولكنه كان أحسن أن توضّحه بما يتكلم به اذا كان لا يغيّر معنى الحديث وكذلك هذا النحو ولكنه يترك استغناءا بما يحسن من الفعل الذي لا ينقض المعنى ، وأما قوله جلّ وعزّ (بَلى قادِرِينَ) فهو على الفعل الذي أظهر ، كأنّه قال بلى نجمعهما قادرين حدّثنا بذلك يونس ، وأما قوله (وهو الفرزدق) : [طويل]
(١) على حلفة لا أشتم الدّهر مسلما |
|
ولا خارجا من فيّ زور كلام |
__________________
(٢٨١) الشاهد فيه قوله ولا خارجا ونصبه لوقوعه موقع المصدر الموضوع موضع الفعل على مذهب سيبويه والتقدير عاهدت ربي لا يخرج من في زور كلام خروجا ، ويجوز أن يكون قوله ولا خارجا منصوبا على الحال والمعني عاهدت ربي غير شاتم ولا خارج أي عاهدته صادقا وهذا على مذهب عيسى بن عمر ، وقد ذكره سيبويه عنه ولا شاهد فيه على هذا التقدير* يقول هذا حين تاب عن الهجاء وقذف المحصنات وعاهد الله على ذلك بين رتاج باب الكعبة ومقام ابراهيم صلىاللهعليهوسلم ، وانما فصل سيبويه رحمهالله هذا الباب من الباب الاول لما احتمل من التأويلين على مذهبه ومذهب عيسى بن عمر ، وقد بينت الحقيقة في المذهين في كتاب النكت.