وأما قول الناس كان البرّ قفيزين وكان السّمن منوين فانما استغنوا هاهنا عن ذكر الدرهم لما في صدورهم من علمه ولأن الدرهم هو الذي يسعّر عليه فكأنهم انما يسئلون عن ثمن الدرهم في هذا الموضع كما يقولون البرّ بستين وتركوا ذكر الكرّ استغناء بما في صدورهم من علمه وبعلم المخاطب لأن المخاطب قد علم ما يعني فكأنه انما سئل هاهنا عن ثمن الكر كما سأل الأول عن ثمن الدرهم فكذلك هذا وما أشبهه فأجره كما أجرته العرب ، وزعم الخليل أنه يجوز بعت الشاء شاة ودرهم إنما يريد شاة بدرهم ويجعل بدرهم هو خبر الشاة وصارت الواو بمنزلة الباء في المعنى كما كانت فى قولك كل رجل وضيعته في معنى مع ، واذا قال شاة بدرهم فانّ بدرهم ليس بمبنىّ على اسم قبله وإنما جاء ليبيّن به السعر كما جاءت لك في سقيا لتبيّن من تعنى ، فالباء هاهنا بمنزلة إلى في قولك فاه الى فيّ ولم تبن على ما قبلها وكذلك ما انتصب في هذا الباب وكان ما بعده ممّا يجوز أن يبنى على ما قبله جاز فيه الرفع ولا يجوز أن يبنى على ما قبله في هذا الباب ، وزعم الخليل أنه يجوز أن تقول بعت الدار ذراع بدرهم كما جاز ذلك في الشاء ، وزعم أنه يقول بعت دارى الذراعان بدرهم وبعت البرّ القفيزان بدرهم ولم يشبّه هذا بقوله فاه الى فيّ لأنّ هذا في بابه بمنزلة المصادر التي تكون حالا يقع فيها الأمر نحو قولك لقيته كفاحا ونحو قوله أرسلها العراك ، وفعلت ذاك طاقتي وليس كلّ مصدر في هذا الباب تدخله الألف واللام ويكون معرفة بالاضافة ، وليس كلّ المصادر تكون في هذا الباب فالأسماء أبعد ، ولذلك كان الذراع رفعا لأنه لا يجوز أن تدخل الألف واللام في قولك لقيته قائما وقاعدا أن تقول لقيته القائم والقاعد ولا تقول ضربته القائم فلمّا قبح ذلك في الذراع جعل بمنزلة قولك لقيته يده فوق رأسه ، ومثل ذلك بعته ربح الدرهم درهم لا يكون فيه النصب على حال ، وزعم الخليل أنّ قولهم ربحت الدرهم درهما محال حتى تقول في الدرهم أو للدرهم ، وكذلك وجدنا العرب تقول ، فان قال قائل فاحذف حرف الجرّ وانوه قيل له لا يجوز حذف الباء كما لا يجوز مررت أخاك وأنت تريد بأخيك ، فان قال لا يجوز حذف الباء من هذا قيل له فهذا لا يقال أيضا ، وقال الخليل كلّمني يد