فكما شبّهوا هذا بقولك عوده على بدئه وليس بمصدر كذلك شبّهوا الصفة بالمصدر فشذّ هذا كما شذّت المصادر في بابها حيث كانت حالا وهي معرفة وكما شذّت الأسماء التي وضعت موضع المصدر ، وما يشبّه بالشيء في كلامهم وليس مثله في جميع أحواله كثير ، وقد بيّن فيما مضى وستراه أيضا إن شاء الله تعالى ، وهو قولك دخلوا الأوّل فالأوّل جرى على قولك واحدا فواحدا ودخلوا رجلا رجلا ، وإن شئت رفعت فقلت دخلوا الأوّل فالأوّل جعلته بدلا وحملته على الفعل ، كأنه قال دخل الأوّل فالأوّل ، وإن شئت قلت دخلوا رجل فرجل تجعله بدلا كما قال عزوجل (بِالنَّاصِيَةِ ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ) فان قلت ادخلوا فأمرت فالنصب الوجه ولا يكون بدلا ، لأنك لو قلت ادخل الأوّل فالأوّل أو رجل رجل لم يجز ولا يكون صفة لأنه ليس معني الأوّل فالأوّل أنّك تريد أن تعرّفه بشيء تحليّه به لو قلت قومك الأوّل فالأول أتونا لم يستقم ، وليس معناه معنى كلّهم فأجرى مجرى خمستهم ووحده ولا يجوز في غير الأول هذا كما لا يجوز أن تقول مررت به واحده ولا بهما اثنيهما ، وكان عيسى يقول ادخلوا الأوّل فالأوّل ، لأن معناه ليدخل فحمله على المعنى ، وليس بأبعد من ليبك يزيد ضارع لخصومة ، فان قلت ادخلوا الأوّل والآخر الصغير والكبير فالرفع لأن معناه معنى كلّهم كأنه قال ليدخلوا كلّهم ، واذا أردت بالكلام أن تجريه على الاسم كما تجرى النعت لم يجز أن تدخل الفاء ، لأنك لو قلت مررت بزيد أخيك وصاحبك كان حسنا ، ولو قلت مررت بزيد أخيك فصاحبك والصاحب زيد لم يجز وكذلك لو قلت زيد أخوك فصاحبك ذاهب لم يجز ، ولو قلتها بالواو حسنت كما أنشد كثير من العرب لأميّة بن أبي عائذ الهذلي : [متقارب]
(١) ويأوي الى نسوة عطّل |
|
وشعث مراضيع مثل السعالي |
__________________
(٣١٠) الشاهد فيه حمل شعث على عطل بالواو لأنهما صفتان ثابتتان معا في الموصوف فعطفت احداهما على الأخرى بالواو لأن معناها الاجتماع ، ولو عطفت بالفاء لم يجز لأن معنى ـ