كلّ الرجل ومررت بالرجل كلّ الرجل ، فان قلت هذا عبد الله كلّ الرجل أو هذا أخوك كلّ الرجل فليس في الحسن كالألف واللام ، لأنك انما أردت بهذا الكلام هذا الرجل المبالغ في الكمال ، ولم ترد أن تجعل كلّ الرجل شيئا تعرّف به ما قبله وتبيّنه للمخاطب كقولك هذا زيد فاذا خفت أن يكون لم يعرف قلت الطويل ، ولكنك بنيت هذا الكلام على شيء قد أثبتّ معرفته ثم أخبرت أنه مستكمل الخصال ، ومثل ذلك قولك هذا العالم حقّ العالم وهذا العالم كلّ العالم إنما أراد أنه مستحق للمبالغة في العلم ، فاذا قال هذا العالم جدّ العالم فهو يريد معني هذا عالم جدا ، أي هذا قد بلغ الغاية في العلم ، فجرى هذا الباب في الألف واللام مجراه في النكرة اذا قلت هذا رجل كلّ رجل وهذا عالم حقّ عالم. وهذا عالم جدّ عالم ، ويدلّك على أنه لا يريد أن يثبّت بقوله كلّ الرجل الأوّل أنه لو قال هذا كلّ الرجل كان مستغنيا به ولكنه ذكر الرجل توكيدا كقولك هذا رجل رجل صالح ، ولم يرد أن يبيّن بقوله كلّ الرجل ما قبل الرجل كما يبين زيدا اذا خاف أن يلتبس فلم يرد ذلك بالألف واللام ، وانما هذا ثناء يحضرك عند ذكرك إياه ، ومن الصفة قولك ما يحسن بالرجل مثلك أن يفعل ذلك ، وما يحسن بالرجل خير منك أن يفعل ذلك ، وزعم الخليل أنه انما جرّ هذا على نية الألف واللام ولكنه موضع لا تدخله الألف واللام كما كان الجمّاء الغفير منصوبا على نية إلغاء الألف واللام نحو طرّا وقاطبة والمصادر التي تشبهها ، وزعم أنه لا يجوز في ما يحسن بالرجل شبيه بك الجرّ لأنك تقدر فيه على الألف واللام ، وقال أمّا قولهم مررت بغيرك مثلك وبغيرك خير منك فهو بمنزلة مررت برجل غيرك خير منك لأنّ غيرك ومثلك وأخواتها يكنّ نكرة ، ومن جعلهن معرفة قال مررت بمثلك خيرا منك ، وان شاء خير منك على البدل ، وهذا قول يونس والخليل.
واعلم أنه لا يحسن ما يحسن بعبد الله مثلك على هذا الحدّ ألا ترى أنه لا يجوز ما يحسن بزيد خير منك لأنه بمنزلة كلّ الرجل في هذا ، فان قلت مثلك وأنت تريد أن تجعله المعروف بشبهه جاز وصار بمنزلة أخيك ، ولا يجوز في خير منك لأنه نكرة فلا يثبت به