وانما أراد أقلّ به الركب تئيّة منهم به ، ولكنه حذف ذلك استخفافا ، كما تقول أنت أفضل ولا تقول من أحد ، وكما تقول الله أكبر ومعناه الله أكبر من كلّ شيء ، وكما تقول لا مال ولا تقول لك وما يشبهه ومثل هذا كثير.
واعلم أنّ الرفع والنصب تجرى الأسماء ونعت ما كان من سببها ونعت ما التبس بها وما التبس بشيء من سببها فيها مجراهنّ في الجرّ.
واعلم أنّ ما جرى نعتا على النكرة فانه منصوب في المعرفة لأن ما يكون نعتا من اسم النكرة يصير خبرا للمعرفة لأنه ليس من اسمه ، وذلك قولك مررت بزيد حسنا أبوه ومررت بعبد الله ملازمك.
واعلم أن ما كان في النكرة رفعا غير صفة فانه رفع في المعرفة ، من ذلك قوله عزوجل (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ) وتقول مررت بعبد الله خير منه أبوه ، فكذلك هذا وما أشبهه ، ومن أجرى هذا على الأوّل فانه ينبغى له أن ينصبه في المعرفة فيقول مررت بعبد الله خيرا منه أبوه ، وهي لغة رديئة وليست بمنزلة العمل نحو ضارب وملازم وما ضارعه نحو حسن ، ألا ترى أنّ هذا عمل يجوز فيه يضرب ويلازم وضرب ولازم ، ولو قلت مررت بخير منه أبوه كان قبيحا وكذلك بأبي عشرة أبوه ، ولكنه حين خلص للاوّل جرى عليه كأنك قلت مررت برجل خير منك ومن قال مررت برجل أبي عشرة أبوه فشبهّه بقوله مررت برجل حسن أبوه فهو ينبغى له أن يقول مررت بعبد الله أبي العشرة أبوه كما قال مررت بزيد الحسن أبوه ، ومن قال
__________________
ـ على كل شيء* يقول وافيت هذا الوادي ليلا وهو واد بعينه فأوحشني لكثرة سباعه فرحلت عنه ، ولم أمكث فيه لوحشته ، والتئية التلبث والمكث ورفع الركب بأقل وقوله أتوه في موضع الوصف لهم ، وتلخيص لفظ البيتين واعرابهما ، ولا أرى كوادي السباع واديا أقل به الركب الآتوه تئية منهم بوادي السباع فأقل نعت لقوله واديا والهاء في به عائدة عليه ، والركب مرتفع بأقل كما تقدم.