وزعم الخليل أنّ السماء منفطر به كقولك معضّل للقطاة ، وكقولك مرضع للتي بها الرّضاع وأما المنفطرة فيجيء على العمل كقولك منشقّة وكقولك مرضعة للتي ترضع ، وأما (كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَرَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ (يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ) فزعم أنه بمنزلة ما يعقل ويسمع لمّا ذكرهم بالسجود وصار النمل بتلك المنزلة حين حدّثت عنه كما تحدّث عن الأناسيّ ، وكذلك (فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) لأنها جعلت في طاعتها وفي أنه لا ينبغى لأحد أن يقول مطرنا بنوء كذا ولا ينبغي لأحد أن يعبد شيئا منها بمنزلة من يعقل من المخلوقين ويبصر الأمور
قال النابغة الجعدي : [طويل]
(١) شربت بها والدّيك يدعو صباحه |
|
اذا ما بنو نعش دنوا فتصوّبوا |
فجاز هذا حيث صارت هذه الأشياء عندهم تؤمر وتطيع وتفهم الكلام وتعبد بمنزلة الآدميّين وسألت الخليل عن ما أحسن وجوههما فقال لأنّ الاثنين جميع وهذا بمنزلة قول الاثنين نحن فعلنا ولكنهم أرادوا أن يفرقوا بين ما يكون منفردا وبين ما يكون شيئا من شيء وقد جعلوا أيضا المنفردين جمعا ، قال الله جلّ ثناؤه (وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قالُوا لا تَخَفْ خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ) وقد يثنّون ما يكون بعضا لشيء زعم يونس أنّ رؤبة كان يقول ما أحسن وأسيهما ، قال الراجز (وهو خطام المجاشعي) :
__________________
(٣٥٦) الشاهد فيه تذكيره بنات نعش لاخباره عنها بالدنو والتصوب كما يخبر عن الآدميين على ما بينه سيبويه* وصف خمرا باكرها بالشرب عند صياح الديك ، وتصوب بنات نعش ودنوها من الافق للغروب ، والباء في قوله بها زائدة مؤكدة وكثيرا ما تزيدها العرب في مثل هذا كما قال عنترة :
* شربت بماء الدحرضين فأصبحت*
وقال الله عزوجل : (عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ)