(١) إنّ محلا وإنّ مر تحلا |
|
وإن في السّفر ما مضى مهلا |
وتقول إنّ غيرها إبلا وشاء كأنه قال إنّ لنا غيرها إبلا وشاء أو عندنا غيرها إبلا وشاء فالذي يضمر هذا النحو وما أشبهه ، وانتصب الابل والشاء كانتصاب فارس اذا قلت ما في الناس مثله فارسا ، ومثل ذلك قول الشاعر :
(٢) يا ليت أيام الصّبا رواجعا
فهذا كقوله ألا ماء باردا كأنه قال ألا ماء لنا باردا وكأنه قال يا ليت لنا أيام الصبا وكأنه قال يا ليت أيام الصبا أقبلت رواجع وتقول إنّ قريبا منك زيدا اذا جعلت قريبا منك موضعا ، وإذا جعلت الأول هو الآخر قلت إن قريبا منك زيد وتقول إن بعيدا منك زيد والوجه اذا أردت هذا أن تقول إن زيدا قريب منك أو بعيد لأنه اجتمع معرفة ونكرة ، قال امرؤ القيس : [طويل]
(٣) وإنّ شفاء عبرة مهراقة |
|
فهل عند رسم دارس من معوّل |
فهذا أحسن لأنهما نكرة ، وان شئت قلت إن بعيدا منك زيدا وقلما يكون بعيدا منك ظرفا وانما قلّ هذا لأنك لا تقول إن بعدك زيدا وتقول إن قربك زيدا ،
__________________
(٤١٦) الشاهد فيه حذف خبر ان لعلم السامع والمعنى ان لنا محلا في الدنيا ومرتحلا عنها الى الآخرة ، وأراد بالسفر من رحل من الدنيا فيقول في رحيل من رحل ومضى مهل أي لا يرجع ، ويروي مثلا أي فيمن مضى مثل لمن بقى أي سيفنى كما فنى.
(٤١٧) الشاهد فيه نصب رواجعا على الحال وحذف الخبر والتقدير يا ليت لنا أيام الصبا رواجعا أو يا ليتها أقبلت رواجع ، ومن النحويين من يجيز نصب الاسم والخبر بعد ليت تشبيها لها بوددت وتمنيت لأنها في معناها فيكون هذا البيت على تلك اللغة ان كانت صحيحة مسموعة.
(٤١٨) الشاهد فيه نصب شفاء بان وهو نكرة غير مقرب من المعرفة ، وكان وجه الكلام ان يجعله خبرا وينصب العبرة بان لأنها موصوفة مقربة من المعرفة ، ويروي شفائي وهو أحسن لأنه معرفة* يقول البكاء يشفي من لوعة الحزن ثم قال منكرا على نفسه البكاء على الديار مع قلة إجدائه ونفعه ، وهل عند رسم دارس من معول أي لا ينبغي أن يعول عليه فانه لا يجدى شيئا ويكون المعول ايضا من العويل وهو البكاء أي لا ينبغي أن يبكي عليه فان ذلك لا يرد ما تغير منه وذهب.