واذا قلت الضامر فقد عمّمت ، واذا قلت العنس فقد اختصصت شيئا من سببه كما اختصصت ما كان منه وكأن العنس شيء منه فصار هذا تبيينا لموضع ما ذكرت كما صار الدرهم تبيّن به ممّ العشرون حين قلت عشرون درهما ، ولو قلت يا هذا الحسن الوجه لقلت يا هؤلاء العشرين رجلا ، وهذا بعيد فانما هو بمنزلة الفعل اذا قلت يا هذا الضارب زيدا ويا هذا الضارب الرجل كأنك قلت يا هذا الضارب وذكرت ما بعده لتبيّن موضع الضرب ولا تبهمه ولم يجعل معرفة بما بعده ، ومن ثم كان الخليل يقول يا زيد الحسن الوجه ، قال هو بمنزلة قولك يا زيد الحسن ولو لم يجز فيما بعد زيد الرفع لما جاز في هذا كما أنه اذا لم يجز يا هذا ذو الجمّة ، وقال الخليل اذا قلت يا هذا وأنت تريد أن تقف عليه ثم تؤكّده باسم يكون عطفا عليه فأنت فيه بالخيار إن شئت نصبت ، وإن شئت رفعت وذلك قولك يا هذا زيد ، وإن شئت قلت زيدا يصير كقولك يا تميم أجمعون وأجمعين ، وكذلك يا هذان زيد وعمرو ، وإن شئت قلت زيدا وعمرا ، فتجري ما يكون عطفا على الاسم مجرى ما يكون وصفا نحو قولك ، يا زيد الطويل ويا زيد الطويل ، وزعم لي بعض العرب أنّ يا هذا زيد كثير في كلام طيّيء ويقوّى يا زيد الحسن الوجه ولا تلتفت فيه الى الطول أنّك لا تستطيع أن تناديه فتجعله وصفا مثله منادى.
واعلم أن هذه الصفات التي تكون والمبهمة بمنزلة اسم واحد اذا وصفت بمضاف أو عطف على شيء منها كان رفعا من قبل أنه مرفوع غير منادى ، واطّرد الرفع في صفات هذه المبهمة كاطّراد الرفع في صفاتها اذا ارتفعت بفعل أو ابتداء أو تبنى على مبتدإ بمنزلة صفاتها اذا كانت في هذه الحال كما أن الذين قالوا يا زيد الطويل جعلوا زيدا بمنزلة ما يرتفع بهذه الأشياء الثلاثة ، فمن ذلك قول الشاعر : [رجز]
(١) * يا أيّها الجاهل ذو التّنزّى*
وتقول يا أيّها الرجل زيد أقبل ، وإنما تنوّن لأنه موضع يرتفع فيه المضاف ،
__________________
(٤٥٢) الشاهد فيه نعت الجاهل بذي التنزي ورفعه وان كان مضافا لان الجاهل ليس بمنادى فيجري نعته على الموضع ولو نصب ذو التنزي على البدل من أي أو ارادة النداء على معنى ويا ذا التنزي لجاز والتنزي هنا خفة الجهل وأصله الوثب.