اذا وقفوا ، وكان أبو عمرو يقول يا عبادي فاتقون ، قال الراجز (وهو عبد الله بن عبد الأعلى القرشى) : [رجز]
(١) فكنت اذا كنت إلهى وحدكا |
|
لم يك شيء يا إلهي قبلكا |
وقد يبدلون مكان الياء الألف لأنها أخفّ ، وسنبيّن ذلك ان شاء الله ، وذلك قولك يا ربّا تجاوز عنّا ، ويا غلاما لا تفعل فاذا وقفت قلت يا غلاماه ، وانما ألحقت الهاء ليكون أوضح للألف لأنها خفيّة ، وعلى هذا النحو يجوز يا أباه ، ويا أمّاه ، وسألت الخليل عن قولهم يا أبه ويا أبت لا تفعل ويا أبتاه ويا أمّتاه فزعم الخليل أن هذه الهاء مثل الهاء في عمّة وخالة ، وزعم الخليل أنه سمع من العرب من يقول يا أمة لا تفعلي ويدلك على أن الهاء بمنزلة الهاء في عمة أنك تقول في الوقف يا أمّه ويا أبه كما تقول يا خاله وتقول يا أمّتاه كما تقول يا خالتاه ، وانما يلزمون هذه الهاء في النداء اذا أضفت الى نفسك خاصة كأنهم جعلوها عوضا من حذف الياء ، وأرادوا ان لا يخلّوا بالاسم حين اجتمع فيه حذف الياء وأنهم لا يكادون يقولون يا أباه ويا أماه ، وصار هذا محتملا عندهم لما دخل النداء من التغيير والحذف ، فأرادوا أن يعوّضوا هذين الحرفين كما قالوا أينق لما حذفوا العين جعلوا الياء عوضا ، فلما ألحقوا الهاء في أبه وأمّه صيرّوها بمنزلة الهاء التي تلزم الاسم في كل موضع نحو عمّه وخاله ، واختص النداء بذلك لكثرته في الكلام كما اختصّ النداء بيا أيّها الرجل ، ولا يكون هذا في غير النداء لأنهم جعلواها تنبيها فيها بمنزلة يا ، وأكّدوا بها التنبيه حين جعلوا يا مع ها ، فمن ثم لم يجز لهم أن يسكتوا على أي ولزمه التفسير ، قلت فلم دخلت الهاء في الأب وهو مذكّر ، قال قد يكون الشيء المذكّر يوصف بالمؤنّث ويكون الشيء المذكّر له الاسم المؤنّث نحو نفس وأنت تعني الرجل به ، ويكون الشيء المؤنّث يوصف بالمذكّر وقد يكون الشىء المؤنّث له
__________________
(٤٦٦) الشاهد فيه اثبات الياء في قوله يا الهي على الأصل ، وحذفها أكثر في الكلام لأن النداء باب حذف وتغيير والياء تشبه التنوين في الضعف والاتصال فتحذف كما يحذف التنوين من المنادى المفرد ، ولو حذفها هنا لقام الوزن ولكنه روي باثبات الياء وتقدير البيت وكنت يا الهي اذ كنت وحدك لم يك شيء قبلك.