الكلام على لا فنصبت وتقول لا مثله رجل اذا حملته على الموضع كما قال بعض العرب لا حول ولا قوة إلا بالله ، وان شئت حملته على لا فنوّنته ونصبته ، وان شئت قلت لا مثله رجلا على قوله لي مثله غلاما. وقال ذو الرمة :
(١) هي الدار اذمي لأهلك جيرة |
|
ليالي لا أمثالهنّ لياليا |
وقال الخليل يدلك على أنّ لا رجل في موضع اسم مبتدإ مرفوع قولك لا رجل أفضل منك كأنك قلت زيد أفضل منك ، ومثل ذلك بحسبك قول السّوء كأنك قلت حسبك قول السّوء ، وقال الخليل حين مثّله كأنك قلت رجل أفضل منك ، وأما قول الشاعر (وهو جرير) :
(٢) يا صاحبىّ دنا الرّواح فسيرا |
|
لا كالعشيّة زائرا ومزورا |
فلا يكون إلا نصبا من قبل أنّ العشية ليست بالزائر ، وانما أراد لا أرى كالعشيّة زائرا كما تقول ما رأيت كاليوم رجلا فكاليوم كقولك في اليوم لأنّ الكاف ليست باسم وفيه معنى التعجب كما قال تالله رجلا وسبحان الله رجلا وانما أراد تالله ما رأيت رجلا ، ولكنه يترك إظهار الفعل استغناء لأنّ المخاطب يعلم أنّ هذا الموضع انما يضمر فيه هذا الفعل لكثرة استعمالهم إيّاه وتقول لا كالعشيّة عشيّة ولا كزيد رجل لأنّ الآخر هو
__________________
(٥٢٣) الشاهد فيه قوله لا أمثالهن لياليا فنصب أمثالهن بلا لأن المثل نكرة وان كان مضافا الى معرفة كما تقدم ونصب ليالي على التبيين لأمثالهن على مثال قولك لا مثلك رجلا فرجل تبيين للمثل على اللفظ ولو حمل على المعنى لجاز ، ويجوز نصب ليالي على التمييز كما تقول لا مثلك رجلا على تقدير لا مثلك من رجل ، وفي نصبه على التمييز قبح لأن حكم التمييز أن يكون واحدا يؤدي عن الجميع* يقول هذه الدار كانت لمية دارا زمن المرتبع وتجاوز الأحياء وفضل تلك الليالي لما نال فيها من التنعيم بالوصال واجتماع الشمل.
(٥٢٤) الشاهد فيه نصب زائر ومزور باضمار فعل والتقدير لا أرى كالعشية زائرا ومزورا أي لا أرى زائرا ومزورا كزائر العشية ومزورها ، فحذف اختصارا لعلم السامع كما قالوا ما رأيت كاليوم رجلا أي كرجل أراه اليوم ولا يحسن في هذا رفع الزائر لأنه غير العشية وليس بمنزلة لا كزيد رجل لأن زيدا من الرجال.