ومما يقبح أن يشركه المظهر علامة المضمر المجرور ، وذلك قولك مررت بك وزيد وهذا أبوك وعمرو ، كرهوا أن يشرك المظهر مضمرا داخلا فيما قبله لأن هذه العلامة الداخلة فيما قبلها جمعت أنها لا يتكلم بها إلّا معتمدة على ما قبلها وأنها بدل من اللفظ بالتنوين فصارت عندهم بمنزلة التنوين فلمّا ضعفت عندهم كرهوا أن يتبعوها الاسم ولم يجز أيضا أن يتبعوها إياه وإن وصفوه ، لا يحسن لك أن تقول مررت بك أنت وزيد كما جاز فيما أضمرت في الفعل نحو قمت أنت وزيد ، لأن ذاك وان كان قد أنزل منزلة أحد حروف الفعل فليس من الفعل ولا من تمامه وهما حرفان يستغنى كلّ واحد منهما بصاحبه كالمبتدإ والمبنى عليه ، وهذا يكون من تمام الاسم وهو بدل من الزيادة التى في الاسم وحال الاسم اذا أضيف اليه كحاله اذا كان منفردا لا يستغنى به ، ولكنهم يقولون مررت بكم أجمعين لأن أجمعين لا يكون إلّا وصفا يقولون مررت بهم كلّهم لأن أحد وجهيها مثل أجمعين ، وتقول أيضا مررت بك نفسك ، لما أجزت فيها ما يجوز في فعلتم مما يكون معطوفا على الاسم احتملت هذا اذا كانت لا تغير علامة الاضمار هيهنا ما عمل فيها وضارعت هيهنا ما ينتصب فجاز هذا فيها ، وأما في الاشراك فلا يجوز لأنه لا يحسن الاشراك في فعلت وفعلتم إلّا بأنت وأنتم ، وهذا قول الخليل وتفصيله عن العرب ، وقد يجوز في الشعر أن تشرك بين الظاهر والمضمر على المرفوع والمجرور اذا اضطرّ الشاعر ، وجاز قمت أنت وزيد ولم يجز مررت بك أنت وزيد لأن الفعل يستغني بالفاعل والمضاف لا يستغنى بالمضاف اليه لأنه بمنزلة التنوين ، وقد يجوز في الشعر قال : [رجز]
(١) آبك أيّه بي أو مصدّر |
|
من حمر الجلّة جأب حشور |
__________________
ـ فلحقناهم عشية ووقعت الحرب فاعتزينا الى قبائلنا والراعي من نمير بن عامر وكلب من قضاعة وهو كلب بن وبرة.
(٥٨٨) الشاهد في عطف المصدّر على المضمر المجرور دون اعادة الجار وهو من اقبح الضرورة ، والمصدر الشديد الصدر والجأب الغليظ ، والحشور الخفيف ، والجلة المسان واحدها جليل ، ومعنى آبك وبحك والتأييه الدعاء يقال أيهت بالابل اذا صحت بها.