الآخر الأوّل اذا قلت لم أجيء فأقل ، ولو كان ذلك لاستحال كان سيرى أمس شديدا حتّى أدخل ولكنها تجيء كما يجيء ما بعد إذا وبعد حروف الابتداء ، وكذلك هي أيضا بعد الفاء اذا قلت ما أحسن ما سرت فأدخلها لأنها منفصلة ، فانما عنينا بقولنا الآخر متّصل بالأوّل أنهما وقعا فيما مضى كما أنه اذا قال : * فانّ المندّى رحلة فركوب* فانما يعني أنهما وقعا في الماضي من الأزمنة وأنّ الآخر كان مع فراغه من الأوّل ، فان قلت كان سيرى أمس حتى أدخلها تجعل أمس مستقرّا جاز الرفع لأنه استغنى فصار كسرت لو قلت فأدخلها حسن ، ولا يحسن كان سيرى فأدخل إلّا أن تجىء بخبر لكان ، وقد تقع نفعل في موضع فعلنا في بعض المواضع ومثل ذلك قوله (لرجل من بنى سلول وهو مولّد) : [كامل]
(١) ولقد أمرّ على اللّئيم يسبّنى |
|
فمضيت ثمّت قلت لا يعنينى |
واعلم أنّ أسير بمنزلة سرت اذا أردت بأسير معنى سرت.
واعلم أنّ الفعل اذا كان غير واجب لم يكن إلّا النصب من قبل أنه اذا لم يكن واجبا رجعت حتّى الى أن وكي ولم تصر من حروف الابتداء كما لم تصر إذن في الجواب من حروف الابتداء اذا قلت اذن أظنّك ، وأظنّ غير واقع في حال حديثك وتقول أيّهم سار حتّى يدخلها لأنك قد زعمت أنه كان سير ودخول ، وانما سألت عن الفاعل ، ألا ترى أنك لو قلت أين الذي سار حتّى يدخلها ، وقد دخلها لكان حسنا ولجاز هذا الذي يكون لما قد وقع لأنّ الفعل ثمّ واقع وليس بمنزلة قلّما سرت اذا كان نافيا لكثر ما ، ألا ترى أنه لو كان قال قلّما سرت فأدخلها أو حتّى أدخلها وهو يريد أن يجعلها واجبة خارجة من معنى قلّما لم يستقم إلّا
__________________
(٦٠٨) الشاهد في وضع أمر موضع مررت على حدّ وقوع الفعل المستقبل بعد حتى في معنى الماضي اذا قلت سرت حتى أدخل في معنى سرت فدخلت ، وجاز أمر في معنى مررت لأنه لم يرد ماضيا منقطعا ، وانما أراد أن هذا أمره ودأبه فجعله كالفعل الدائم ، وقيل معنى ولقد أمر ربما أمر فالفعل على هذا في موضعه ، والمعنى أنه ينزل من سبه من اللئام بمنزلة من لم يعنه احتقارا له فلا يجيبه.