اتيان ولم يجز أن تقول فحديث لأن هذا لو كان جائزا لأظهرت أن ، ونظير جعلهم لم آتك ولا آتيك وما أشبهه بمنزلة الاسم في النيّة حتّى كأنهم قالوا لم يك اتيان إنشاد بعض العرب قول الفرزدق : [طويل]
مشائيم ليسوا مصلحين عشيرة |
|
ولا ناعب إلّا ببين غرابها (١) |
ومثله قول الفرزدق أيضا : [طويل]
(٢) ومازرت سلمى أن تكون حبيبة |
|
إلىّ ولا دين بها أنا طالبه |
جرّه لانه صار كأنه قال لأن ، ومثله قول زهير : [طويل]
بدالى أني لست مدرك ما مضى |
|
ولا سابق شيئا اذا كان جائيا (٣) |
لما كان الأول تستعمل فيه الباء ولا تغير المعنى ، وكانت مما يلزم الأول نووها في الحرف الآخر حتى كأنهم قد تكلموا بها في الأول ، وكذلك صار لم آتك بمنزلة لفظهم بلم يكن اتيان لأن المعنى واحد.
واعلم أن ما ينتصب في باب الفاء قد ينتصب على غير معنى واحد وكلّ ذلك على اضمار أن إلّا ان المعاني مختلفة كما أنّ يعلم الله يرتفع كما يرتفع يذهب زيد وعلم الله ينتصب كما ينتصب ذهب زيد وفيهما معنى اليمين ، والنصب هيهنا في التمثيل كأنك قلت لم يكن اتيان فأن تحدّث والمعنى على غير ذلك كما أن معنى علم الله لأفعلنّ غير معنى رزق الله ، فأن تحدّث في اللفظ مرفوعة بيكن لأن المعنى لم يكن اتيان فيكون حديث ، وتقول ما يأتيني فتحدثنى فالنصب على وجهين من المعاني ، أحدهما ما تأتيني فكيف تحدّثني أي لو أتيتني لحدّثتني ، وأما الآخر فما تأتيني أبدا إلّا لم تحدّثني أي منك اتيان كثير
__________________
(١) قد تقدم شرحهما فى ص ١٠٣ رقم ١٢٩ ـ ١٣٠
(٦١٠) الشاهد فيه حمل دين على معنى لأن تكون ، وجره* يقول لم أزر سلمى لمحبة فيها ولا لدين أطالبها به وانما زرتها لغير ذلك هذا ظاهر لفظه وقيل المعنى ما تركت زيارتها لغير محبة ولا لدين تطالبني به ولكن خشية الرقباء ، ولفظ البيت لا يؤدي الى هذا التفسير ، وقوله بها في معنى منها ويحتمل أن يريد أنابه طالبها فقلب.
(١) قد تقدم شرحهما فى ص ١٠٣ رقم ١٢٩ ـ ١٣٠