يضمر أن وذاك لأنه امتنع أن يجعل الفعل على لو لا فأضمر أن كأنه قال لو لا ذاك أو لو لا أن أسوأك ، وبلغنا أنّ أهل المدينة يرفعون هذه الآية (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ) فكأنه والله أعلم قال الله عزوجل (لا يكلم الله البشر إلا وحيا أو يرسل رسولا) أي في هذه الحال وهذا كلامه إيّاهم كما تقول العرب تحيّتك الضرب وعتابك السيف وكلامك القتل وقال الشاعر (وهو عمرو بن معدى كرب) :
وخيل قد دلفت لها بخيل |
|
تحيّة بينهم ضرب وجيع |
وسألت الخليل عن قول الأعشى : [بسيط]
(١) إن تركبوا فركوب الخيل عادتنا |
|
أو تنزلون فانّا معشر نزل |
فقال الكلام هاهنا على قولك يكون كذا أو يكون كذا لمّا كان موضعها لو قال فيه أتركبون لم ينقض المعنى صار بمنزلة قولك ، ولا سابق شيئا ، وأما يونس فقال أرفعه على الابتداء كأنه قال أو أنتم نازلون ، وعلى هذا الوجه فسّر الرفع في الآية كأنه قال او يرسل رسولا كما قال طرفة : أو أنا مفتدي ، وقول يونس أسهل ، وأمّا الخليل فجعله بمنزلة قول زهير : [طويل]
بدالى أني لست مدرك ما مضى |
|
ولا سابق شيئا اذا كان جائيا (٢) |
والإشراك على هذا التوهّم بعيد كبعد ، ولا سابق شيئا ، ألا ترى أنه لو كان هذا كهذا لكان في الفاء والواو ، وإنما توهّم هذا فيما خالف معناه التمثيل يعني مثل هو
__________________
(٦٣٨) الشاهد في رفع تنزلون حملا على معنى إن تركبوا لأن معناه ومعني تركبون متقارب فكأنه قال أتركبون فذاك عادتنا أو تنزلون في معظم الحرب فنحن معروفون بذلك هذا مذهب الخليل وسيبويه ، وحمله يونس على القطع والتقدير عنده او أنتم تنزلون ، وهذا أسهل في اللفظ والأول أصح في المعنى والنظم ، والخليل ممن يأخذ بصحة المعاني ولا يبالي اختلال الألفاظ.
(١) تقدم شرحه وتفسيره في ص ١٠٣ رقم ١٢٩