(١) لمّا تمكّن دنياهم أطاعهم |
|
في أيّ نحو يميلوا دينه يمل |
وذاك لأنّ الفعل انما يصل الى الاسم بالباء ونحوها ، فالفعل مع الباء بمنزلة فعل ليس قبله حرف جر ولا بعده ، فصار الفعل الذي يصل باضافة كالفعل الذي لا يصل باضافة لأنّ الفعل يصل بالجرّ الى الاسم كما يصل غيره رافعا وناصبا فالجرّ هاهنا نظير النصب والرفع في غيره ، فان قلت بمن تمرّ به أمرّ وعلى أيهم تنزل عليه أنزل وبما تأتيني به آتيك رفعت لأن الفعل ، انما أوصلته الى الهاء بالباء الثانية والباء الأولى للفعل الآخر فتغيّر عن حال الجزاء كما تغير عن حال الاستفهام فصارت بمنزلة الذي لأنك أدخلت الباء للفعل حين أوصلت الفعل الذي يلي الاسم بالباء الثانية الى الهاء فصارت الأولى ككان وإنّ ، يقول لا يجازى بما بعدها وعملت الباء فيما بعدها عمل كان وإنّ فيما بعدهما ، وقد يجوز أن تقول بمن تمرّ أمرّ وعلى من تنزل أنزل اذا أردت معنى عليه وبه وليس بحدّ الكلام وفيه ضعف ، ومثل ذلك قول الشاعر (وهو بعض الأعراب)
(٢) إنّ الكريم وأبيك يعتمل |
|
إن لم يجد يوما على من يتّكل |
__________________
(٦٦٩) الشاهد في ادخال حرف الجر على أي وهي للجزاء فلم يغيرها عن عملها لأن حروف الجر وصلة للفعل بعدها والفعل في الحقيقة هو العامل وحرف الجر لا ينفصل من المجرور فكان دخوله كخروجه* وصف رجلا اتصل بالسلطان فضيع دينه في اتباع أمره ولزوم طاعته وذكر فعل الدنيا لأنها في معنى الزمان والحال.
(٦٧٠) الشاهد فيه حذف العائد على من في مذهبه والتقدير على من يتكل عليه ، ورد هذا المبرد لدخول على قبل من وحمله على وجهين أحدهما أن يكون من استفهاما ويحذف مفعول يجد فكأنه قال ان لم يجد شيئا فعلى من يتكل أي على أي الناس ، والوجه الآخر أن يكون يجد في معنى يعلم أي يعتمل ان لم يعلم أعلى هذا يتكل فيعينه أم على هذا وتقدير سيبويه أقرب وأبين ، ويكون تقديم على توكيدا كما تقول سأعلم على من تنزل وسأرى من تمر تريد سأعلم من تنزل عليه وسأرى من تمر به فتحذف الآخر وتقدم حرف الجر توكيدا او عوضا ، ويجوز أن يكون التقدير يعتمل على من يتكل عليه من عياله أي يسعى لهم وان لم يكن ذا جدة ومعنى يعتمل يحترف لاقامة العيش.