هيهنا والّذي يأتيني بمنزلة عبد الله وأنت لا يجوز لك أن تقول عبد الله فله درهمان فقال إنما يحسن في الّذي لأنه جعل الآخر جوابا للأول وجعل الأوّل به يجب له الدرهمان فدخلت الفاء هيهنا كما دخلت في الجزاء اذا قال إن يأتني فله درهمان ، وإن شاء قال الذي يأتيني له درهمان كما تقول عبد الله له درهمان غير أنه إنما أدخل الفاء لتكون العطية مع وقوع الاتيان ، فاذا قال له درهمان فقد يكون أن لا يوجب له ذلك بالاتيان ، فاذا أدخل الفاء فانما يجعل الاتيان سبب ذلك فهذا جزاء وإن لم يجزم لأنه صلة ، ومثل ذلك قولهم : كلّ رجل يأتينا فله درهمان ، ولو قال كلّ رجل فله درهمان كان محالا لأنه لم يجيء بفعل ولا بعمل يكون له جواب ، ومثل ذلك (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ) وقال جلّ من قائل (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ) ومثل ذلك (إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ) وسألت الخليل عن قوله جلّ ذكره (حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها) أين جوابها ، وعن قوله جلّ وعلا (وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ) فقال ان العرب قد تترك في مثل هذا الخبر الجواب في كلامهم لعلم المخبر لأي شيء وضع هذا الكلام ، وزعم أنه قد وجد في أشعار العرب ربّ لا جواب لها من ذلك قول الشمّاخ : [طويل]
(١) ودوّيّة فقر تمشّي نعامها |
|
كمشي النّصارى في خفاف الأرندج |
فهذه القصيدة التي فيها هذا البيت لم يجيء فيها جواب لربّ لعلم المخاطب أنه يريد قطعتها أو ما هو في هذا المعنى.
__________________
(٦٨٦) الشاهد فيه حذف جواب رب لعلم السامع والمعنى رب دوّية قطعت ونحوه وقد رد عليه ما تأوله من حذف الجواب وزعم الرادّ أن بعده :
قطعت الى معروفها منكراتها |
|
وقد خب آل الأمعز المتوهج |
والحجة له أنه لم يرو ما بعده أو أخذ البيت مفردا عمن رواه له من العرب مع اجماع ـ