جاءت مبتدأة ليس قبلها ما يحلف به ، فقال انما جاءت على نية اليمين وان لم يتكلّم بالمحلوف به.
واعلم أنك اذا أخبرت عن غيرك أنه أكّد على نفسه أو على غيره فالفعل يجرى مجراه حيث حلفت أنت ، وذلك قولك أقسم ليفعلنّ واستحلفه ليفعلنّ ، وحلف ليفعلنّ ذلك واخذ عليه لا يفعل ذلك ابدا ، وذاك انه أعطاه من نفسه في هذا الموضع مثل ما أعطيت أنت من نفسك حين حلفت كأنك قلت حين قلت اقسم ليفعلنّ قال والله ليفعلنّ وحين قلت استحلفه ليفعلنّ قال له والله ليفعلنّ ومثل ذلك قوله تعالى (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ) وسألته لم لم يجزوا الله تفعل يريدون بها معنى ستفعل فقال من قبل أنهم وضعوا تفعل هيهنا محذوفة منها لا ، وانما تجىء في معنى لا أفعل فكرهوا أن تلتبس احداهما بالاخرى ، فقلت فلم ألزمت النون آخر الكلمة فقال لكي لا يشبه قوله انه ليفعل لأن الرجل اذا قال هذا فانما يخبر بفعل واقع فيه الفاعل ، كما الزموا اللام ان كان ليقول مخافة ان يلتبس بما كان يقول ذاك لأنّ إن تكون بمنزلة ما وسألته عن قوله عزوجل (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ) فقال ما هيهنا بمنزلة الذي ودخلتها اللام كما دخلت على ان حين قلت والله لئن فعلت لأفعلنّ واللام التي في ما كهذه التي في إن واللام التي في الفعل كهذه التي في الفعل هنا ، ومثل هذه اللام الأولى أن اذا قلت والله أن لو فعلت لفعلت وقال (المسيب بن علس) : [طويل]
(١) فاقسم أن لو التقينا وأنتم |
|
لكان لكم يوم من الشرّ مظلم |
فأن في لو بمنزلة اللام في ما فأوقعت هيهنا لامين لام للاول ولام للجواب ولام الجواب هي التي يعتمد عليها القسم فكذلك اللامان في قوله عزوجل (لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ
__________________
(٦٨٨) الشاهد فيه ادخال أن توكيدا للقسم بمنزلة اللام ولذلك لم يجمع بينهما فيقول اقسم لأن لو التقينا يقول لو التقينا متحاربين لأظلم نهاركم وصرتم منه في مثل الليل.