لكم كما أنك اذا قلت رأيت متاعك بعضه فوق بعض فقد أبدلت الآخر من الأول وكأنك قلت رأيت بعض متاعك فوق بعض فانما نصبت بعضا لأنك أردت معنى رأيت بعض متاعك فوق بعض ، كما جاء الأول على معنى واذ يعدكم الله أنّ إحدى الطائفتين لكم ، ومن ذلك قوله عزوجل (أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ) فالمعنى والله أعلم ألم يروا أنّ القرون الذى أهلكناهم اليهم لا يرجعون ، ومما جاء مبدلا من هذا الباب (أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُراباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ) فكأنه على أيعدكم أنكم مخرجون اذا متم وذلك أريد بها ولكنها انما قدّمت أنّ الأولى ليعلم بعد أي شيء الاخراج ، ومثل ذلك قولهم زعم أنه اذا أتاك أنه سيفعل وقد علمت أنّه اذا فعل أنه سيمضى ولا يجوز أن تبتدىء إنّ هاهنا كما تبتدىء الأسماء بعد الفعل اذا قلت قد علمت زيدا أبوه خير منك وقد رأيت زيدا يقول أبوه ذاك لأنّ إنّ لا تبتدأ في كل موضع وهذا من تلك المواضع وزعم الخليل أنّ مثل ذلك قوله تبارك وتعالى (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحادِدِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ) ولو قال فإنّ ، كانت عربية جيّدة وسمعناهم يقولون في قول ابن مقبل : [طويل]
(١) وعلمي بأسدام المياه فلم تزل |
|
قلائص تخدي في طريق طلائح |
وأنّى اذا ملّت ركابي مناخها |
|
فإني على حظّي من الأمر جامح |
وإن جاء في الشعر قد علمت أنّك اذا فعلت إنك فاعل اذا أردت معنى الفاء جاز والوجه والحدّ ما قلت لك أوّل مرة ، وبلغنا أنّ الأعرج قرأ (أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ
__________________
(٧٠٤) الشاهد فيه كسران الثانية على الاستئناف ولو فتحت حملا على أن الاولى تأكيدا وتكريرا لجاز ، والأسدام المياه المتغيرة لقلة الوارد واحدها سدم يريد مياه الفلوات وعلمه بها لحسن دلالته ومعنى تخدي تسرع ، والطلائح المعيية لطول السفر ومعنى ملت ركابي مناخها يريد توالي سفرها واناختها فيه وارتحالها ، والجامح الماضي على وجهه أي لا يكسرني طول السفر ولكني أمضي قدما لما أرجوه من الحظ في أمري.