وقال الحسن بن إبراهيم : أرسل عبد الرحمن صاحب الأندلس إلى مصر مالا يفرقه على المالكيين ، فبلغ أبا بكر الحدّاد ، فقال : لعلّه لسائر أهل العلم.
فقال : بل للمالكيين (١) خاصة. فقال لكافور : «أرضيت من ملكك أن ترسل الأموال إلى المالكيين ، والشافعيون معك [بلا شىء](٢)؟ إن لم تقابل هذا الفعل (٣) فى الشافعيين بأكثر منه لأكتبنّ فى ذلك ولأكتبنّ».
فأرسل كافور عشرة آلاف درهم ، فجلس أبو بكر وفرّقها على الشافعيين.
ولما مات كافور ـ رحمه الله ـ وجد فى خزانته عينا ، وجواهر ، وثيابا وسلاحا ، وغير ذلك ، ما مبلغه ألف ألف دينار.
وكان متواضعا حليما ، ويحكى عنه أنه (٤) لحقه جرب كثير وهو صغير ، حتى كان لا يظهر ولا يقابل ، فطرده سيده ، فكان يمشى فى سوق بنى حباسة ، وفيه طباخ يبيع الطبيخ ، فعبر به كافور يوما وطلب منه (٥) ، فضربه بالمغرفة (٦) على يده وهى حارّة ، فوقع مغشيّا عليه ، فأخذه رجل من المصريين ورشّ عليه الماء حتى أفاق وجعله عنده (٧) وداواه حتى وجد العافية ، فأتى سيّده ، فأخذه سيّده وقال للذى داواه : خذ أجرة ما فعلت.
قال : لا ، ولكن أجرى على الله تعالى .. فكان كافور كلما عزّت عليه نفسه يذكّرها بضربة الطّبّاخ بالمغرفة. وربما يركب ويأتى ذلك الزقاق وينزل ويسجد شكرا لله تعالى ، ويقول لنفسه : اذكرى ضربة المغرفة.
__________________
(١) فى «م» : «للمساكين» تحريف.
(٢) ما بين المعقوفتين عن «م».
(٣) فى «ص» : «يقابل هذا الفضل».
(٤) فى «ص» : «يحكى أن كافور».
(٥) فى «ص» : «وطلب منه وألحّ عليه».
(٦) المغرفة : ما يغرف به الطعام ونحوه.
(٧) قوله : «حتى أفاق وجعله عنده» عن «ص».