المنصور بالملك ، بتدبير (١) عمّه الأفضل [نور الدين ، كان أيضا على حاله ، ولم يزل كذلك إلى أن وصل] الملك العادل أبو بكر بن أيوب من الشام لأخذ ديار مصر ، وخرج الأفضل لقتاله ، [وعند دخوله القاهرة] مات القاضى [الفاضل](٢) ساكنا ، أحوج ما كان إلى الموت ، عند تولّى الإقبال ، وإقبال الإدبار ، فى سحر يوم الأربعاء ، سابع عشر ربيع الآخر سنة ٥٩٦ ه ، ودفن بهذه التربة (٣).
قال بعض المؤرخين فى ترجمته : وزر القاضى الفاضل للسلطان صلاح الدين ، وتمكّن منه غاية التمكين ، وبرز (٤) فى صناعة الإنشاء ، وفاق (٥) المتقدمين ، وله فيه الغرائب مع الإكثار (٦).
وأخبرنى (٧) أحد الفضلاء الثّقات المطّلعين على حقيقة أمره أنّ مسوّدات رسائله (٨) فى المجلدات والتعليقات فى الأوراق إذا جمعت ما تقصر عن مائة مجلد ، وهو مجيد (٩) فى أكثرها.
وقال عبد اللطيف البغدادى : دخلنا عليه فرأينا شيخا ضئيلا ، كلّه رأس وقلب ، وهو يكتب ويملى على اثنين ، ووجهه وشفتاه تلعب بألوان الحركات ، لقوّة حرصه على إخراج الكلام ، وكان يكتب بجملة أعضائه ، وكان له
__________________
(١) هكذا فى الوفيات .. وفى «م» : «ودبّره بتدبير».
(٢) ما بين المعقوفتين عن الوفيات وسقط من «م» سهوا من الناسخ ـ فى المواضع الثلاثة.
(٣) أى : التربة المشار إليها بسفح المقطم فى القرافة الصغرى ، وما زالت قائمة إلى اليوم.
(٤) فى «م» : «فوز» تصحيف. والتصويب من الوفيات ج ٣ ص ١٥٨.
(٥) فى «م» : «وقال» تصحيف ، والتصويب من المصدر السابق.
(٦) فى «م» : «وله فى الغرائب من الإكثار» فيها بعض تحريف ، وما أثبتناه عن المصدر السابق.
(٧) هكذا الفعل فى الوفيات (ج ٣ ص ١٥٨) والمخبر هنا هو المؤلف الموفق بن عثمان ، حيث كان معاصرا له.
(٨) فى «م» : «الرسائل».
(٩) فى «م» : «جيد».