غرام (١) بالكتابة وبتحصيل الكتب. وكان من الدّين والعفاف والتّقى ، والمواظبة على قيام الليل ، والصيام ، وقراءة القرآن على جانب كبير ، قيل : كان يقرأ فى اليوم والليلة ختما كاملا.
وكان قليل اللّذّات ، كثير الحسنات ، دائم التهجد ، كثير الاشتغال بعلوم الأدب وتفسير القرآن ، غير أنه كان خفيف البضاعة من النحو ، ولكن قوّة الدّربة توجب له قلّة اللحن. وكان لا يكاد يضيع شيئا من زمانه إلّا فى طاعة.
وسمع الحديث من جماعة ، كالحافظ السّلفى ، والحافظ ابن عساكر ، وغيرهما. وكتب فى الإنشاء ما لم يكتبه أحد ، وكان متقلّلا فى مطعمه وملبسه ومنكحه ، وكان يكثر (٢) من لباس البياض ، لا يساوى ما عليه ـ إن قوّم ـ أكثر من خمسة (٣) دنانير صلاحيّة (٤).
وكان إذا ركب كان معه غلام ، وكان لا يمكّن أحدا من صحبته ، وكان يكثر زيارة القبور ، وتشييع الجنائز ، وعيادة المرضى ، وله معروف فى السّرّ والعلانية.
وكان (٥) وزيرا صالحا ، مجتهدا ، عالما ، لم ينطق قطّ إلّا فى إيصال رزق أو معونة محتاج ، أو تجديد نعمة. وأوقف أوقافا على الفقراء والمساكين بالحرمين وغيرهما. وأنشأ مدرسته [بدرب](٦) ملوخيّا بالقاهرة ، بجوار
__________________
(١) فى «م» : «غراما» خطأ فى اللغة ، والصواب ما أثبتناه.
(٢) فى «م» : «كثير» وما أثبتناه هو المناسب مع حرف الجر «من».
(٣) فى «م» : «خمس» خطأ ، والصواب ما أثبتناه.
(٤) نسبة إلى صلاح الدين.
(٥) الفعل «وكان» سقط سهوا من الناسخ فى «م».
(٦) ما بين المعقوفتين عن الوفيات ولم يرد فى «م» .. ودرب ملوخيا هو ما يعرف اليوم بدرب القزازين ، وقد افتتحت هذه المدرسة للتدريس يوم السبت مستهل المحرم من سنة ٥٨٠ ه.
[انظر الخطط التوفيقية ج ٦ ص ٣١ ، ووفيات الأعيان ج ٣ ص ١٦٢].