والصفات المعنوية.
والاستغفار لمن في الأرض : طلب المغفرة لهم بحصول أسبابها لأن الملائكة يعلمون مراتب المغفرة وأسبابها ، وهم لكونهم من عالم الخير والهدى يحرصون على حصول الخير للمخلوقات وعلى اهتدائهم إلى الإيمان بالله والطاعات ويناجون نفوس الناس بدواعي الخير ، وهي الخواطر الملكية. فالمراد ب (لِمَنْ فِي الْأَرْضِ) [الشورى : ٥] من عليها يستحقون استغفار الملائكة كما قال تعالى : (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ) [غافر : ٧] ثم قال : (وَقِهِمُ السَّيِّئاتِ) في سورة المؤمن [٩]. وقد أثبت القرآن أن الملائكة يلعنون من تحق عليه اللّعنة بقوله تعالى : (أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ) في سورة البقرة [١٦١]. فعموم من في الأرض هنا مخصوص بما دلّت عليه آية سورة المؤمن.
وجملة (أَلا إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [الشورى : ٥] تذييل لجملة (وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ) [الشورى : ٥] إلى آخرها لإبطال وهم المشركين أن شركاءهم يشفعون لهم ، ولذلك جيء في هذه الجملة بصيغة القصر بضمير الفصل ، أي أن غير الله لا يغفر لأحد. وصدرت بأداة التنبيه للاهتمام بمفادها. وقد أشارت الآية إلى مراتب الموجودات ، وهي :
والمقصود رفع التبعية عن النبي صلىاللهعليهوسلم من عدم استجابتهم للتوحيد ، أي لا تخش أن نسألك على عدم اهتدائهم إذ ما عليك إلا البلاغ ، وتقدم في قوله : (وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ) في سورة الأنعام [١٠٧].
وإذ قد كان الحفيظ الوكيل بمعنى كان إثبات كون الله حفيظا عليهم ونفي كون الرّسولصلىاللهعليهوسلم وكيلا عليهم مفيدا قصر الكون حفيظا عليهم على الله تعالى دون الرّسول صلىاللهعليهوسلم بطريق غير أحد طرق القصر المعروفة فإن هذا من صريح القصر ومنطوقه لا من مفهومه وهو الأصل في القصر وإن كان قليلا ، ومنه قول السموأل :
تسيل على حد الظبات نفوسنا |
|
وليست على غير الظبات تسيل |
وأما طرق القصر المعروفة في علم المعاني فهي من أسلوب الإيجاز ، والقصر قصر قلب كما هو صريح طرفه الثاني في قوله : (وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ) ، نزل الرّسولصلىاللهعليهوسلم