لأخي زيد أخ ، تريد نفي أن يكون لزيد أخ لأنه لو كان لزيد أخ لكان زيد أخا لأخيه فلما نفيت أن يكون لأخيه أخ فقد نفيت أن يكون لزيد أخ ، ولا ينبغي التعويل على هذا لما في ذلك من التكلّف والإبهام وكلاهما مما ينبو عنه المقام.
وقد شمل نفي المماثلة إبطال ما نسبوا لله البنات وهو مناسبة وقوعه عقب قوله : (جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً) الآية.
وحديث سقيا عبد المطلب ، أي خبر استسقائه لقريش أن رقيقة بنت أبي صيفي قالت : تتابعت على قريش سنون أقحلت الضرع وأدقّت العظم ، فبينا أنا نائمة إذا هاتف يهتف : «يا معشر قريش إن هذا النبي المبعوث منكم قد أظلتكم أيامه ألا فانظروا رجلا منكم وسيطا عظاما جساما أبيض أوطف الأهداب سهل الخدّين أشمّ العرين فليخلص هو وولده ، ألا وفيهم الطيّب الطاهر لداته وليهبط إليه من كل بطن رجل فليشنوا من الماء وليمسوا من الطيب ثم ليرتقوا أبا قبيس فليستسق الرجل وليؤمنوا فعثتم ما شئتم» إلخ. قالوا : وكان معهم النبي صلىاللهعليهوسلم وهو يومئذ غلام.
واعلم أن هذه الآية نفت أن يكون شيء من الموجودات مثلا لله تعالى. والمثل يحمل عند إطلاقه على أكمل أفراده ، قال فخر الدّين «المثلان : هما اللذان يقوم كل واحد منهما مقام الآخر في حقيقته وماهيته» ا ه. فلا يسمّى مثلا حقا إلا المماثل في الحقيقة والماهية وأجزائها ولوازمها دون العوارض ، فالآية نفت أن يكون شيء من الموجودات مماثلا لله تعالى في صفات ذاته لأن ذات الله تعالى لا يماثلها ذوات المخلوقات ، ويلزم من ذلك أن كل ما ثبت للمخلوقات في محسوس ذواتها فهو منتف عن ذات الله تعالى. وبذلك كانت هذه الآية أصلا في تنزيه الله تعالى عن الجوارح والحواسّ والأعضاء عند أهل التأويل والذين أثبتوا لله تعالى ما ورد في القرآن مما نسميه بالمتشابه فإنما أثبتوه مع التنزيه عن ظاهره إذ لا خلاف في إعمال قوله : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) وأنه لا شبيه له ولا نظير له.
وإذ قد اتفقنا على هذا الأصل لم يبق خلاف في تأويل النصوص الموهمة التشبيه ، إلّا أن تأويل سلفنا كان تأويلا جمليّا ، وتأويل خلفهم كان تأويلا تفصيليّا كتأويلهم اليد بالقدرة ، والعين بالعلم ، وبسط اليدين بالجود ، والوجه بالذات ، والنزول بتمثيل حال الإجابة والقبول بحال نزول المرتفع من مكانه الممتنع إلى حيث يكون سائلوه لينيلهم ما سألوه. ولهذا قالوا : طريقة السلف أسلم وطريقة الخلف أعلم.