وضمير (عَلَيْهِ) عائد إلى القرآن المفهوم من المقام.
والأجر : الجزاء الذي يعطاه أحد على عمل يعمله ، وتقدم عند قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) في سورة براءة [٢٢].
والمودّة : المحبة والمعاملة الحسنة المشبهة معاملة المتحابين ، وتقدمت عند قوله (مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) في سورة العنكبوت [٢٥]. والكلام على تقدير مضاف أي معاملة المودة ، أي المجاملة بقرينة أن المحبة لا تسأل لأنها انبعاث وانفعال نفساني.
و (فِي) للظرفية المجازية لأنه مجرورها وهو (الْقُرْبى) لا يصلح لأن يكون مظروفا فيه.
ومعنى الظرفية المجازية هنا : التعليل ، وهو معنى كثير العروض لحرف (فِي) كقوله : (وَجاهِدُوا فِي اللهِ) [الحج : ٧٨].
و (الْقُرْبى) : اسم مصدر كالرجعى والبشرى ، وهي قرابة النسب ، قال تعالى : (وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ) [الإسراء : ٢٦] ، وقال زهير :
وظلم ذوي القربى أشدّ مضافة ... البيت
وتقدم عند قوله تعالى : (وَلِذِي الْقُرْبى) في سورة الأنفال [٤١].
ومعنى الآية على ما يقتضيه نظمها : لا أسألكم على القرآن جزاء إلا أن تودّوني ، أي أن تعاملوني معاملة الودّ ، أي غير معاملة العداوة ، لأجل القرابة التي بيننا في النسب القرشي.
وفي «صحيح البخاري» و «جامع الترمذي» سئل ابن عباس عن هذه الآية بحضرة سعيد بن جبير فابتدر سعيد فقال : قربى آل محمد ، فقال ابن عباس : عجلت لم يكن بطن من قريش إلا كان له فيهم قرابة ، فقال : إلّا أن تصلوا ما بيني وبينكم من القرابة. وذكر القرطبي عن الشعبي أنه قال : أكثر الناس علينا في هذه الآية فكتبنا إلى ابن عباس نسأله عنها فكتب أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان أوسط الناس في قريش فليس بطن من بطونهم إلا وقد ولده فقال الله له : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) إلّا أن تودوني في قرابتي منكم ، أي تراعوا ما بيني وبينكم فتصدّقوني ، فالقربى هاهنا قرابة الرحم كأنه قال : اتبعوني للقرابة إن لم تتبعوني للنبوءة. انتهى كلام القرطبي. وما فسر به بعض المفسرين أن