عطف على جملة (وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) [الشورى : ٣٠] ، وهو احتراس ، أي يعفو عن قدرة فإنكم لا تعجزونه ولا تغلبونه ولكن يعفو تفضلا.
والمعجز : الغالب غيره بانفلاته من قبضته. والمعنى : ما أنتم بفالتين من قدرة الله. والخطاب للمشركين.
والمعنى : أن الله أصابكم بمصيبة القحط ثم عفا عنكم برفع القحط عنكم وما أنتم بمفلتين من قدرة الله إن شاء أن يصيبكم ، فهو من معنى قوله : (إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عائِدُونَ) [الدخان : ١٥] ، وقول النبي صلىاللهعليهوسلم لأبي سفيان حين دعا برفع القحط عنهم : تعودون بعد ، وقد عادوا فأصابهم الله ببطشة بدر قال : (يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ) [الدخان : ١٦].
وتقييد النفي بقوله : (فِي الْأَرْضِ) لإرادة التعميم ، أي في أي مكان من الأرض لئلا يحسبوا أنهم في منعة بحولهم في مكة التي أمّنها الله تعالى ، وذلك أن العرب كانوا إذا خافوا سطوة ملك أو عظيم سكنوا الجهات الصعبة ، كما قال النابغة ذاكرا تحذيره قومه من ترصد النعمان بن المنذر لهم وناصحا لهم :
إمّا عصيت فإني غير منفلت |
|
مني اللصاب فجنبا حرة النار |
أو أضع البيت في صماء مظلمة |
|
من المظالم تدعى أمّ صبار |
تدافع الناس عنّا حين نركبها |
|
تقيد العير لا يسري بها الساري |
وجيء بالخبر جملة اسمية في قوله : (وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ) للدلالة على ثبات الخبر ودوامه ، أي نفي إعجازهم ثابت لا يتخلف فهم في مكنة خالقهم.
ولما أفاد قوله : (وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ) أن يكون لهم منجى من سلطة الله أتبع بنفي أن يكون لهم ملجأ يلجئون إليه لينصرهم ويقيهم من عذاب الله فقال : (وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ) أي ليس لكم وليّ يتولاكم فيمنعكم من سلطان الله ولا نصير ينصركم على الله إن أراد إصابتكم فتغلبونه ، فجمعت الآية نفي ما هو معتاد بينهم من وجوه الوقاية.
و (مِنْ دُونِ اللهِ) ظرف مستقرّ هو خبر ثان عن (وَلِيٍ) و (نَصِيرٍ) ، والخبر الأول هو (لَكُمْ). وتقديم الخبرين للاهتمام بالخبر ولتعجيل يأسهم من ذلك.