و (يَوْمَ الْفَصْلِ) : هو يوم الحكم ، لأنه يفصل فيه الحق من الباطل وهو من أسماء يوم القيامة قال تعالى : (لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ لِيَوْمِ الْفَصْلِ) [المرسلات : ١٢ ، ١٣].
والميقات : اسم زمان التوقيت ، أي التأجيل ، قال تعالى : (إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً) [النبأ : ١٧] ، وتقدم عند قوله تعالى : (قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِ) في سورة البقرة [١٨٩] وحذف متعلق الميقات لظهوره من المقام ، أي ميقات جزائهم.
وأضيف الميقات إلى ضمير المخبر عنهم لأنهم المقصود من هذا الوعيد وإلّا فإن يوم الفصل ميقات جميع الخلق مؤمنيهم وكفارهم.
والتأكيد ب (أَجْمَعِينَ) للتنصيص على الإحاطة والشمول ، أي ميقات لجزائهم كلهم لا يفلت منه أحد منهم تقوية في الوعيد وتأييسا من الاستثناء.
و (يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى) بدل من (يَوْمَ الْفَصْلِ) أو عطف بيان. وفتحة (يَوْمَ لا يُغْنِي) فتحة إعراب لأن (يَوْمَ) أضيف إلى جملة ذات فعل معرب.
والمولى : القريب والحليف ، وتقدم عند قوله تعالى : (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي) في سورة مريم [٥]. وتنكير (مَوْلًى) في سياق النفي لإفادة العموم ، أي لا يغني أحد من الموالي كائنا من كان عن أحد من مواليه كائنا من كان.
و (شَيْئاً) مفعول مطلق لأن المراد (شَيْئاً) من إغناء. وتنكير (شَيْئاً) للتقليل وهو الغالب في تنكير لفظ شيء ، كما قال تعالى : (وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ) [سبأ : ١٦]. ووقوعه في سياق النفي للعموم أيضا ، يعني أيّ إغناء كان في القلة بله الإغناء الكثير. والمعنى: يوم لا تغني عنهم مواليهم ، فعدل عن ذلك إلى التعميم لأنه أوسع فائدة إذ هو بمنزلة التذييل.
والإغناء : الإفادة والنفع بالكثير أو القليل ، وضميرا (وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) راجعان إلى ما رجع إليه ضمير (أَهُمْ خَيْرٌ) [الدخان : ٣٧] ، وهو اسم الإشارة من قوله : (إِنَّ هؤُلاءِ لَيَقُولُونَ) [الدخان : ٣٤]. والمعنى : أنهم لا يغني عنهم أولياؤهم المظنون بهم ذلك ولا ينصرهم مقيّضون آخرون ليسوا من مواليهم تأخذهم الحمية أو الغيرة أو الشفقة فينصرونهم.
والنصر : الإعانة على العدوّ وعلى الغالب ، وهو أشد الإغناء. فعطف (وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) على (لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً) زيادة في نفي عدم الإغناء.