وإجراء وصف (رَبِّ السَّماواتِ) على اسمه تعالى إيماء إلى علّة قصر الحمد على الله إخبارا وإنشاء تأكيدا لما اقتضته الفاء في قوله : (فَلِلَّهِ الْحَمْدُ). وعطف (وَرَبِّ الْأَرْضِ) بتكرير لفظ (رَبِ) للتنويه بشأن الربوبية لأن رب السماوات والأرض يحق حمده على أهل السماء والأرض ، فأما أهل السماء فقد حمدوه كما أخبر الله عنهم بقوله : (وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ) [الشورى : ٥]. وأما أهل الأرض فمن حمده منهم فقد أدى حق الربوبية ومن حمد غيره وأعرض عنه فقد سجل على نفسه سمة الإباق ، وكان بمأوى النار محلّ استحقاق.
ثم أتبع بوصف (رَبِّ الْعالَمِينَ) وهم سكان السماوات والأرض تأكيدا لكونهم محقوقين بأن يحمدوه لأنه خالق العوالم التي هم منتفون بها وخالق ذواتهم فيها كذلك.
وعقب ذلك بجملة (وَلَهُ الْكِبْرِياءُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) للإشارة إلى أن استدعاءه خلقه لحمده إنما هو لنفعهم وتزكية نفوسهم فإنه غني عنهم كما قال : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ) [الذاريات : ٥٦ ، ٥٧].
وتقديم المجرور في (وَلَهُ الْكِبْرِياءُ) مثله في (فَلِلَّهِ الْحَمْدُ). والكبرياء : الكبر الحق الذي هو كمال الصفات وكمال الوجود. ثم أتبع ذلك بصفتي (الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) لأن العزة تشمل معاني القدرة والاختيار ، والحكمة تجمع معاني تمام العلم وعمومه.
وبهذه الخاتمة آذن الكلام بانتهاء السورة فهو من براعة خواتم السور.