وأما ما يظهر من التقريرات من أن ذلك هو مقتضى فرض كونه سببا تاما لا يتوقف ترتب المسبب عليه على انضمام غيره إليه ، وأن السبب ليس هو المركب من الأمرين.
فهو كما ترى! لأن عدم استقلال السبب بالتأثير يكون تارة : لقصور فيه ، بحيث يحتاج تأثيره إلى انضمام شيء آخر إليه واخرى : لقصور في المسبب ، لوحدته واجتماع الأسباب المتعددة عليه ، حيث لا بد من استناده لمجموعها وعدم استقلال كل واحد منها به ، وإن كان كافيا في ترتبه لو انفرد.
والمفروغية في المقام عن كون الموضوع سببا تاما إنما تنافي الأول الذي يكفي في منعه ظهور الأدلة في فعلية ترتب المسبب عليه وحدوثه بحدوثه ، دون الثاني الذي يتوقف عليه عدم التداخل في محل الكلام.
بل لا بد فيه من ظهور الأدلة ـ مضافا إلى ذلك ـ في كون المترتب فرد مستقل من الحكم ، بحيث لا يشركه في التأثير فيه سبب آخر حتى لو اجتمع معه ، ولا تلازم بين الأمرين.
فالعمدة في ذلك : أن الدليل المتكفل بسببية السبب كما يظهر في تأثيره في المسبب وترتبه عليه كذلك يظهر في استقلاله به ، لأن ذلك هو مقتضى طبع السبب التام السببية ، وإنما تشترك الأسباب التامة في مسبب واحد لعدم قابلية المسبب للتعدد المانع من تمامية مقتضاها ، كما لو ضرب الزجاج دفعة ضربتين تصلح كل منهما لكسره ، حيث لا يستقل كل منهما بالكسر في ظرف تقارنهما وإن استقل في ظرف انفراده.
وحيث كان عدم الاستقلال في مثل ذلك للمانع فهو لا ينافي ظهور