ولعله لأجل ذلك حكي عن شيخنا الأعظم (قدس سره) الجزم بأن الطهارة والنجاسة من الامور الواقعية التي كشف عنها الشارع.
وإن كان الظاهر خلوه عن الدليل ، غاية الأمر التوقف والتردد في ذلك. ولعلّه لذا كان الظاهر من كلامه الأول المتقدم التردد بين كونهما انتزاعيتين وكونهما واقعيتين ، ومن كتاب الطهارة ـ قبل الكلام الثاني المتقدم ـ التردد بين كونهما حقيقيتين وكونهما اعتباريتين.
بل الإنصاف أن البناء على كونهما اعتباريتين جعليتين هو الأنسب بملاحظة الأدلة ، كصحيح داود بن فرقد عن أبي عبد الله عليه السلام قال : «كان بنو إسرائيل إذا أصاب أحدهم قطرة بول قرضوا لحومهم بالمقاريض ، وقد وسّع عليكم بأوسع ما بين السماء والأرض ، وجعل لكم الماء طهورا ، فانظروا كيف تكونون؟!» (١). لظهوره في كون طهورية الماء حكما امتنانيا ، فيلزم كون الطهارة المترتبة عليها كذلك ، لامتناع ترتب الأمر التكويني على الأمر التشريعي.
وقريب منه في ذلك قوله عليه السلام : ـ في الصحيح ـ «ان الله جعل التراب طهورا كما جعل الماء طورا» (٢) ، حيث يلزم حمله على الجعل التشريعي دون التكويني بقرينة السياق ، لأن طهورية التراب تشريعية حسبما يظهر من بعض النصوص (٣). فتأمل.
__________________
(١) الوسائل ج ١ ، باب : ١ من أبواب الماء المطلق ، حديث : ٤.
(٢) الوسائل ج ١ ، باب : ١ من أبواب الماء المطلق ، حديث : ١.
(٣) راجع الوسائل ج ٢ ، باب : ٧ من أبواب التيمم.