وجدتموه يعفّ عن ذلك فرويداً لا يغرّنكم حتى تنظروا ما عقده عقله ، فما أكثر من ترك ذلك أجمع ثمّ لا يرجع إلى عقل متين ، فيكون ما يفسده بجهله أكثر ممّا يصلحه بعقله ، وإذا وجدتم عقله متيناً فرويداً لا يغرّنّكم حتى تنظروا أمع هواه يكون على عقله أو يكون مع عقله على هواه ، وكيف محبّته للرياسات الباطلة وزهده فيها ، فإنّ في الناس من خسر الدنيا والآخرة بترك الدنيا للدنيا ، ويرى أن لذّة الرياسة الباطلة أفضل من لذّة الأموال والنعم المباحة المحلّلة ، فيترك ذلك أجمع طلباً للرياسة ـ إلى أن قال ـ ولكن الرجل كلّ الرجل نعم الرجل هو الذي جعل هواه تبعاً لأمر الله ، وقواه مبذولة في رضاء الله ، يرى الذلّ مع الحقّ أقرب إلى عزّ الأبد من العزّ في الباطل ـ إلى أن قال ـ فذلكم الرجل نعم الرجل ، فبه فتمسّكوا ، وبسنّته فاقتدوا ، وإلى ربّكم به فتوسّلوا ، فإنّه لا تردّ له دعوة ، ولا تخيب له طلبة .
ورواه العسكري ( عليه السلام ) في ( تفسيره ) عن علي بن الحسين ( عليه السلام ) ، مثله (٣) .
أقول : هذا بيان لأعلى مراتب العدالة لا لأدناها ، على أنّه مخصوص بمن يؤخذ عنه العلم ويقتدى به في الأحكام الدينيّة كما هو الظاهر ، لا بإمام الجماعة والشاهد .
وتقدّم ما يدلّ على المقصود هنا (٤) وفي الجمعة (٥) ، ويأتي ما يدلّ عليه هنا (٦) وفي الشهادات (٧) .
__________________
(٣) تفسير العسكري ( عليه السلام ) : ٥٣ / ٢٧ .
(٤) تقدم في الحديث ٦ من الباب ١٠ من هذه الأبواب ، وتقدم ما يدل عيه بالمفهوم في الحديثين ٩ و ١٠ من الباب ١٣ من أبواب الأذان .
(٥) تقدم في الباب ٢٩ من أبواب صلاة الجمعة ، وفي الحديث ١ من الباب ٢ من أبواب صلاة العيد ، وفي الحديث ٨ من الباب ٢ من هذه الأبواب .
(٦) يأتي في الحديث ١ من الباب ١٢ ، وفي الحديث ٣ من الباب ٢٧ ، وفي الباب ٣١ و ٣٣ من هذه الأبواب .
(٧) يأتي في الأحاديث ١ و ٢ و ١٢ من الباب ٤١ من أبواب الشهادات .