( وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ) ، قال قلت : وإن زنا وإن سرق يا رسول الله ؟! قال : ( وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ) وإن زنا وإن سرق ، ورغم أنف أبي الدرداء ! . فلا أزال أقرأها كذلك حتى ألقاه صلی الله عليه [ وآله ] وسلم (١) .
أقول : هذه إحدى الشواهد على أن بعض الصحابة كانوا يدخلون في القرآن ما ليس منه بجهل وسذاجة ، فعلی هذه الرواية النبي صلی الله عليه وآله وسلم لم يكن بصدد بيان تكملة الآية ، وإنما أراد إنها مضايقة أبي الدرداء له صلی الله عليه وآله وسلم ، ومع ذلك اتخذ أبو الدرداء تلك الزيادة قراءة لا يتنازل عنها ، بدعوي أن النبي صلی الله عليه وآله وسلم قد قالها !! مع أنه صلی الله عليه وآله وسلم لم يقلها قرآنا ، وهناك من الصحابة من كان يفاخر أنه لا يدع أي شيء سمعه من رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم حال قراءته للآية ! .
وبهذا يتضح للعاقل الخطأ العظيم الذي يقع فيه من انتهج منهجية إيجاد المخارج الشرعية والتوجيهات والتأويلات المنسوبة للدين لظاهر أفعال الصحابة ، وهم أناس يخطئون ويصيبون وقد يتصرفون بما يقبله المنطق السليم ولا الصراط المستقيم ، نعم هناك أمور لا يعقل أخذها على ظاهرها فحينها نقوم بالتأويل ونقول : لعل كذا ولعل كذا ، أما أن نؤول كل ما ظاهره
___________
(١) السنن الكبرى ٦ : ٤٧٨ ـ ٤٧٩ ، ح ١١٥٦١ .