ما ذكرنا ، ومع إجماع الأمة على أن إنسانا لو قرأ أم القرآن فقدم آية على أخری أو قال : الشكر للصمد مولی الخلائق ، وقال : هذا هو القرآن لكان كافرا بإجماع (١) ، ومع قوله تعالی ( لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَـٰذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ ) (٢) ؟ ففرق الله تعالی بينهما وأخبر أن القرآن إنما هو باللفظ العربي لا بالعجمي ، وأمر بقراءة القرآن في الصلاة ، فمن قرأ بالأعجمية فلم يقرأ قرآنا بلا شك .
وقال : وبلا خلاف من أحد من الأمة أن القرآن معجزة ، وبيقين ندري أنه إذا ترجم بلغة أعجمية أو بألفاظ عربية غير ألفاظه ، فإن تلك الترجمة غير معجزة ، وإذ هي غير معجزة فليست قرآناً ، ومن قال فيما ليس قرآنا إنه قرآن فقد فارق الإجماع وكذب الله تعالی ، وخرج عن الإسلام ، إلا أن يكون جاهلا ، ومن أجاز هذا وقامت عليه الحجة ، ولم يرجع فهو كافر مشرك مرتد حلال الدم والمال ، لا نشك في ذلك أصلا (٣) .
وركب بعض الأحناف الصعب مع أبي حنيفة ، والغريب أن منهم من انبری لإثبات أن القرآن تجوز قراءته بالفارسية في الصلاة بشرط حكاية معانيه
___________
(١) على هذه الضابطة يجب تكفير ابن مسعود وعمر وأبي الدرداء وأبي بن كعب وابن عباس وعائشة وحفصة ؛ لأن كلا منهم ادعی قرآنية الجمل الزائدة الغريبة التي جاء بها .
(٢) النحل : ١٠٣ .
(٣) الإحكام في أصول الأحكام ، ١ : ٢٢٠ ـ ٢٢٢ ، ط . دار الكتب العلمية ، الطبعة الأولی .