من العلم وذهاب العلماء وان كنت لم تعرف ذهاب العلماء إلا في عامك هذا فقد أغفلت النظر ، فإنه قد أسرع بهم منذ حين ، وذهب بقاياهم منذ أعوام من كل جند وافق ، فلم يبق منهم رجل واحد يجتمع عليه العامة بالرضا والصحة ، إلا ما كان من رجل واحد بالكوفة ، قال عباس ـ يعنى الثوري ـ : سمعت وكيعا ، وحدث عن شعبة عن الحكم وحماد في باب ... ثم قال : أيما أفقه عندكم الحكم وحماد أو سفيان ؟ فسكت الناس فلم يجبه أحد ، فقال : كان سفيان بحراً .
عن الوليد بن مسلم قال : رأيت الثوري بمكة يستفتى ولما يخط وجهه بعد . سمعت ابن المبارك قال : ما رأيت أحداً خيراً من سفيان . قال ابن المبارك : ما رأيت مثل سفيان كأنه خلق لهذا الشأن . سمعت عبد الرحمان ـ يعنى ابن الحكم ـ يقول : ما سمعت بعد التابعين بمثل سفيان . سمعت ابن وهب يقول : ما رأيت مثل سفيان الثوري . سمعت ابن المبارك قال : كنت إذا أعياني الشيء أتيت سفيان أسأله ، فكأنما أغتمسه من بحر . حدثنا علي يعني ابن المديني قال : سألت يحيى ـ يعني ابن سعيد ـ قلت : أيما أحب إليك رأي مالك أو رأي سفيان ؟ قال : سفيان ، لا نشك في هذا ، ثم قال : يحيى وسفيان فوق مالك في كل شيء . قال لنا معمر لما بلغه أن سفيان قادم عليهم اليمن قال لنا معمر : أنه قد قدم عليكم محدث العرب .
عن ابن المبارك قال : ما نُعت لي أحد فرأيته إلا وجدته دون نعته إلا سفيان الثوري .
قال الأوزاعي : إنما بقي هذان الرجلان ـ يعنى ابن عون وسفيان ـ .