وتجويد رسمه . وفي هذه السلسلة حلة أخرى يميل بعض العلماء إلى عدّها كذلك حلقة أولى ، حيث يرون أن : (أول من نقط المصاحف يحيى بن يعمر) ولا بد أن يكون ليحيى عمل في نقط القرآن ، ولكن لا برهان بين أيدينا على أنه حقاً كان أوّل من نقطه ، إلا أن يكون المراد أنه أول من نقط المصاحف بمرو ، وتبلغ قصة أوّليته هذه ذروتها من الإحكام والحبك حين يزعم ابن خلكان أنه كان لابن سيرين مصحف منقوط نقطه يحيى بن يعمر ، ومن المعلوم أن ابن سيرين توفي سنة ١١٠ هـ ، وقد عرف قبل هذا التاريخ مصحف كامل النقط ، تام الشكل ، وتلك النقط المعوّضة للحركات ، وهو أمر خطير جداً ليس من السهل التسليم به . وأمّا نصر بن عاصم الليثي فلا يستبعد أن يكون عمله في نقط القرآن امتداداً لعمل أُستاذيه أبي الأسود وابن يعمر فإنه أخذ عنهما كما أسلفنا ، بيد أن أبا أحمد العسكري ـ في إحدى رواياته الغريبة ـ يؤكد أن نصر بن عاصم اطلع بنقط القرآن حين خاطب الحجاج كتابه وسألهم أن يضعوا علامات على الحروف المتشابهة ، وتكاد هذه الرواية تنطق أن نصراً كان أوّل من نقط المصاحف ، ولكنها تضل ـ مع ذلك ـ أضعف من أن تعضل في هذا الخلاف برأي يقيني قاطع . ولأن تعذر إطلاق الحكم بأن أبا الأسود أو ابن يعمر أو نصراً كان أول من نقط المصاحف ، فلا يتعذر القول بأنهم أسهموا جميعاً في تحسين الرسم وتيسير قراءة القرآن على الناس) ، وفيما ذكره الصالح خلط واضح بين النقطين .