الأحرف ، ثم يقول : إن هناك قولاً بأن نصر بن عاصم من قام بتلك المهمة ـ ولا دلالة على أسبقيته ـ وبعد أن قام بها حصل تصحيف جديد فأحدثوا الإعجام الذي فرضت الرواية أن الحجاج أمر به من قبل وفعله نصر بن عاصم ! ، فالخلط في الرواية بين نقط الإعجام ونقط الإعراب واضح ، وتنبه له صاحب تاريخ التمدن الإسلامي بعد أن أورد رواية ابن خلكان فقال في ٣ : ٦٢ .
وفي عبارة ابن خلكان هذه التباس ، لا يفهم المراد بها ولا الفرق بين التنقيط والإعجام وهما واحد ، ولا يعقل أن يكون المراد بالنقط الحركات لأنهم عمدوا إليها لكثرة التصحيف ، أي لاختلاف القراءة باختلاف النقط ولكن نصراً هذا لم ينقط إلا بضعة حروف مما يكثر وروده ويخشى الالتباس فيه ، ثم رأوا القراءة لا تنضبط إلا بتنقيط كل الحروف كما هي الآن ، وهذا ما عبروا عنه بالإعجام .
ونختم بما ذكر في
مباحث في علوم القرآن : ٩١ ـ ٩٤ : وعسير علينا أن نحدد ـ عن طريق هذه الروايات المختلفة ـ البواعث التي حملت أبو الأسود على نقط القرآن ، فلا نعرف هل اندفع من تلقاء نفسه أم استجاب لأمر لم يفكر فيه من قبل ، ولا نعرف كنه العمل الذي قام به ، ولكننا لا نرتاب قط قد أطلّع أول الجميع بعبء جسيم ، فهذا هو الحد الأدنى مما نطقت به تلك الأخبار والروايات ، أما أنه أفرد وحده بوضع أصول القرآن وشكله فليس منطقيا ولا معقولا ، فما ينهض بمثل هذا فرد أو أفراد ، ولا يبلغه تمامه جيل بل أجيال ، وبحسب أبي الأسود أنه كان حلقة أولى في سلسلة نقط القرآن