قال شهاب الدّين (١) : فيكون كقول الشاعر : [الطويل]
٢٧٧٢ ـ إذا متّ كان النّاس صنفان شامت |
|
وآخر مثن بالذي كنت أصنع (٢) |
وهذا في أحد تأويلي البيت.
والآخر : أنّ «صنفان» خبر منصوب ، وجاء به على لغة بني الحارث ، ومن وافقهم.
والحكاية التي أشار إليها الشّيخ من تلحين يحيى للحجّاج هي : أنّ الحجاج كان يدّعي فصاحة عظيمة ، فقال يوما ليحيى بن يعمر وكان يعظّمه : هل تجدني ألحن؟ فقال : الأمير أجلّ من ذلك ، فقال : عزمت عليك إلّا ما أخبرتني ، وكانوا يعظّمون عزائم الأمراء ، فقال : نعم ، فقال : في أي شيء؟ فقال : في القرآن ، فقال : ويلك!! ذلك أقبح بي ، في أيّ آية؟ قال : سمعتك تقر : (قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ) إلى أن انتهيت إلى «أحبّ» فرفعتها ، فقال : إذن لا تسمعني ألحن بعدها ، فنفاه إلى «خراسان» فمكث بها مدة ، وكان بها حينئذ يزيد بن المهلب بن أبي صفرة ، فجاءهم جيش ، فكتب إلى الحجاج كتابا ، وفيه : «وقد جاءنا العدوّ فتركناهم بالحضيض ، وصعدنا عرعرة الجبل» ، فقال الحجاج : ما لابن المهلب ولهذا الكلام ، فقيل له : إنّ يحيى هناك ، فقال : إذن ذاك.
وقرأ الجمهور «عشيرتكم» بالإفراد ، وأبو بكر (٣) عن عاصم «عشيراتكم» جمع سلامة. [ووجه الجمع أنّ لكلّ من المخاطبين عشيرة ، فحسن الجمع ، وزعم الأخفش أنّ «عشيرة» لا تجمع بالألف والتاء ، وإنّما تكسيرا على «عشائر» ، وهذه القراءة حجة عليه ، وهي قراءة أبي عبد الرحمن (٤) السلمي وأبي رجاء.
وقرأ الحسن (٥) «عشائركم» قيل : وهي أكثر من «عشيراتكم»](٦).
و «العشيرة» : هي : الأهل الأدنون. وقيل : هم أهل الرّجل الذين يتكثّر بهم ، أي : يصيرون له بمنزلة العدد الكامل ، وذلك أنّ العشيرة هي العدد الكامل ، فصارت العشيرة اسما لأقارب الرّجل الذين يتكثّر بهم ، سواء بلغوا العشرة أم فوقها.
وقيل : هي الجماعة المجتمعة بنسب ، أو وداد ، لعقد العشرة.
فصل
هذه الآية هي تقرير الجواب المذكور في الآية الأولى ، وذلك لأنّ جماعة
__________________
(١) ينظر : الدر المصون ٣ / ٤٥٥.
(٢) تقدم.
(٣) ينظر : السبعة ص (٣١٣) ، الحجة ٤ / ١٨٠ ، حجة القراءات ص (٣١٦) ، النشر ٢ / ٢٧٨ ، إتحاف فضلاء البشر ٢ / ٨٩.
(٤) ينظر : الكشاف ٢ / ٢ / ٢٥٧ ، المحرر الوجيز ٣ / ١٨ ، البحر المحيط ٥ / ٢٤ ، الدر المصون ٣ / ٤٥٦.
(٥) ينظر : السابق.
(٦) سقط في أ.